يشهد الريال اليمني انتعاشًا ملحوظًا أمام العملات الأجنبية، وسط توقعات مصرفية بمواصلة التحسن خلال الأيام المقبلة، بعد سلسلة إجراءات صارمة نفذها البنك المركزي بالتنسيق مع جمعية البنوك وجمعية الصرافين، هدفت إلى كبح جماح المضاربة وضبط سوق الصرف.
ووفقاً لمصادر مصرفية مطلعة، فإن موجة التحسن جاءت نتيجة مباشرة لحملة موسعة أطلقها البنك المركزي في يوليو الماضي، ضد شركات صرافة ثبت تورطها في عمليات مضاربة منظمة على العملة. وقد شملت الحملة توقيف 32 شركة غير ملتزمة بسقوف التسعير الرسمية، فيما لا تزال القائمة مرشحة للتوسع.
التقرير يشير إلى أن المركزي اعتمد سياسة "التعويم المدار" بدلاً من التعويم الحر، وأقر حداً أعلى لتسعيرة الصرف، مع فرض عقوبات صارمة على كل من يخالفها. كما ساهمت اجتماعات مكثفة جمعت قيادة البنك مع مجلس القيادة الرئاسي، والرئيس رشاد العليمي، وعضو المجلس عيدروس الزبيدي، في وضع الملف الاقتصادي على رأس أولويات الدولة.
أحد أبرز المحركات للتحسن كان ما وصفه التقرير بـ"مذبحة المضاربين"، وهي حملة مركزة استهدفت شبكات صرافة مرتبطة بجماعة الحوثي، ثبت تمويلها لتنفيذ عمليات مضاربة واسعة النطاق، تسببت سابقًا في انهيارات ممنهجة للعملة.
كما ساعدت مبادرة "اللجنة الوطنية لتغطية الاستيراد"، في تقليص الطلب على الدولار، بعد فرض آلية شفافة ومحكومة لإيداع أموال التجار، مما أوقف اندفاعهم نحو شراء العملات من السوق.
ويرى محللون أن التحسن الحالي للريال اليمني، رغم كونه مؤشرًا مبشّرًا، يظل مرهونًا بخطوات أعمق، تشمل تعزيز الإيرادات، واستكمال الإصلاحات المؤسسية، إلى جانب مواصلة الرقابة الصارمة والحد من تدخلات المصالح المرتبطة ببعض الأطراف السياسية والأمنية.
في الوقت الراهن، تتجه الأنظار إلى قدرة الحكومة الشرعية على البناء على هذا التحسن، وتحويله إلى استقرار نقدي دائم، عبر الخروج من سياسة "المسكنات" نحو "العلاج الجذري" للاقتصاد الوطني.