بعد مرور عشر سنوات على واحدة من أكثر القضايا الغامضة التي هزّت مدينة عدن، عادت قضية مقتل المذيعة الشابة انتصار عبدالقادر إلى دائرة الضوء، مع تجدد مطالب أسرتها بإعادة فتح التحقيق في الجريمة التي وقعت أواخر أكتوبر 2014، حين عُثر عليها جثة هامدة داخل منزلها في مديرية المنصورة، في واقعة وُصفت حينها بأنها “انتحار”، قبل أن تكشف التحقيقات اللاحقة أنها جريمة قتل مكتملة الأركان.
وبحسب أرشيف صحيفة عدن الغد، فقد كانت انتصار عبدالقادر تعمل في قسم الجرافيك بتلفزيون عدن، معروفة بين زملائها بأخلاقها واجتهادها وتفانيها في العمل، وكانت مصدر دعم لعائلتها التي عانت من ظروف اقتصادية صعبة. ووفقاً لزملائها، كانت انتصار فتاة محبوبة، ملتزمة، وهادئة الطباع، ولم يعرف عنها سوى الطموح وحب العمل والإصرار على مساعدة أسرتها.
في 17 فبراير 2015، وبعد أربعة أشهر من وفاتها، أقدمت السلطات الأمنية في عدن على إخراج جثتها من قبرها بناءً على توجيهات من النيابة العامة، وذلك عقب الاشتباه في تعرضها للقتل. وأكد تقرير الطبيب الشرعي الدكتور علي التركي، الذي تم استقدامه من صنعاء لإعادة التشريح، أن الجثة “توفيت نتيجة تعرضها لاعتداء جسدي”، وهو ما فند رواية “الانتحار” التي دافع عنها زوجها المدعو حسام عبدالقوي.
وأشارت التحقيقات حينها إلى أن الزوج كان قد أوقف من قبل الأجهزة الأمنية بعد ورود دلائل تشير إلى تورطه في الجريمة، خاصة بعد اكتشاف آثار اعتداءات وكدمات على جسد الضحية، فيما حاول في البداية إيهام الجيران والشرطة بأن زوجته “انتحرت شنقًا”، وفق ما ذكرته مصادر في البحث الجنائي آنذاك.
مصادر مقربة من العائلة تحدثت لاحقاً عن أن الضحية كانت تتعرض للعنف والابتزاز المالي من قبل زوجها الذي كان يعاني من الإدمان ويتحصل على أموالها ورواتبها، ما أدى إلى تصاعد الخلافات بينهما قبل وقوع الجريمة بأيام. كما أشارت الأسرة إلى أن الضغوط والنفوذ حينها لعبت دوراً في محاولة تمييع القضية، خاصة بعد اندلاع الحرب في 2015 التي تسببت في هروب الجاني من السجن وضياع مسار العدالة.
اليوم، وبعد عقدٍ كامل من المأساة، تجددت مطالب الأسرة بإعادة فتح ملف القضية، ومراجعة التقارير الطبية المتناقضة التي صدرت في حينه، ومحاسبة كل من ساهم في طمس الحقيقة أو التلاعب بالأدلة.
وقالت الأسرة في مناشدتها الجديدة:
"كل ما نريده هو العدالة لروح انتصار، التي كانت مثالاً في الأخلاق والاجتهاد. لقد قُتلت ظلمًا، وتم التلاعب بملفها، وآن الأوان أن يُعاد فتح القضية ومحاسبة القاتل الهارب ومن تستر عليه."
قضية المذيعة انتصار عبدالقادر لا تزال حتى اليوم واحدة من أكثر الملفات الإنسانية إثارة للجدل في عدن، إذ ترمز إلى معركة طويلة بين الحقيقة والنفوذ، وبين صوت الضحية وصمت العدالة.
غرفة الأخبار / صحيفة عدن الغد