آخر تحديث :الثلاثاء-23 سبتمبر 2025-07:55م
أخبار وتقارير

اليوم الوطني السعودي الـ95: تسعون عامًا من الوحدة وبناء الدولة الحديثة

الثلاثاء - 23 سبتمبر 2025 - 05:10 م بتوقيت عدن
اليوم الوطني السعودي الـ95: تسعون عامًا من الوحدة وبناء الدولة الحديثة
عدن/ القسم السياسي – صحيفة عدن الغد

تحتفل المملكة العربية السعودية في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام بالعيد الوطني الـ95، الذي يخلّد ذكرى إعلان الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود توحيد البلاد تحت راية واحدة وإطلاق اسم المملكة العربية السعودية عليها عام 1932. ومنذ ذلك التاريخ، لم يعد هذا اليوم مجرد مناسبة احتفالية، بل أصبح رمزًا لمسيرة طويلة من الكفاح والتضحيات والإنجازات التي وضعت المملكة في مكانة بارزة إقليميًا ودوليًا.


جذور التأسيس ومسيرة التوحيد


لم يكن إعلان توحيد المملكة وليد لحظة عابرة، بل تتويجًا لمسيرة طويلة من الجهاد السياسي والعسكري خاضها الملك عبدالعزيز لاستعادة الرياض عام 1902، ومنها انطلقت خطوات بناء الدولة الحديثة. على مدى ثلاثة عقود، تمكن من توحيد نجد ثم ضم الحجاز والأحساء وعسير، وصولًا إلى الإعلان الرسمي عن المملكة عام 1932. كانت هذه المسيرة محفوفة بالصعاب، لكنها شكّلت حجر الأساس لدولة عربية حديثة تقوم على الاستقرار السياسي وتعتمد على مؤسسات مركزية قوية.


اليوم الوطني ومعنى الوحدة


يحمل اليوم الوطني السعودي رمزية تتجاوز حدود الجغرافيا، فهو مناسبة لتذكير الأجيال الجديدة بما تحقق بفضل الوحدة. قبل التوحيد، كانت شبه الجزيرة العربية تعاني من الانقسام والاضطرابات والنزاعات القبلية. لكن نجاح مشروع الملك عبدالعزيز غيّر هذا الواقع وأرسى دعائم الاستقرار. ومنذ ذلك الحين، باتت ذكرى الثالث والعشرين من سبتمبر فرصة لإبراز قيم الوحدة الوطنية والانتماء، والتأكيد على أن اللحمة الوطنية هي سر قوة الدولة السعودية واستمراريتها.


التحولات الاقتصادية الكبرى


لم تتوقف قصة اليوم الوطني عند حدود التأسيس السياسي، بل ارتبطت أيضًا بالتحولات الاقتصادية التي شهدتها المملكة. اكتشاف النفط في الثلاثينيات غيّر ملامح البلاد، وحوّلها من اقتصاد تقليدي قائم على الزراعة والتجارة البسيطة إلى اقتصاد نفطي ريعي ثم إلى دولة ذات نفوذ اقتصادي عالمي. خلال العقود التالية، استُثمرت العائدات النفطية في بناء البنية التحتية، من طرق ومطارات ومستشفيات ومدارس، ما جعل المملكة في صدارة الدول العربية من حيث النهضة العمرانية والتنموية.


المملكة في العصر الحديث ورؤية 2030


اليوم الوطني في السنوات الأخيرة يأخذ بعدًا إضافيًا مع إطلاق رؤية المملكة 2030 بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. هذه الرؤية تمثل خطة استراتيجية تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال الاستثمار في قطاعات جديدة مثل السياحة، الطاقة المتجددة، التكنولوجيا، والترفيه. في هذا السياق، يتحول اليوم الوطني إلى منصة لإبراز طموحات المملكة المستقبلية، والاحتفاء بما تحقق من مشاريع ضخمة مثل "نيوم" و"القدية" ومشاريع البحر الأحمر.


البعد الإقليمي والدولي


كما أن اليوم الوطني السعودي لا ينفصل عن دور المملكة السياسي والإقليمي. فهي الدولة الأكبر في مجلس التعاون الخليجي وصاحبة ثقل مؤثر في القضايا العربية والإسلامية. مكانتها في منظمة "أوبك" جعلتها لاعبًا رئيسيًا في سوق الطاقة العالمية، بينما يبرز دورها الدبلوماسي في القمم الدولية والإسلامية. ومن هنا، تأتي أهمية اليوم الوطني كذكرى تعكس حجم الإنجازات التي جعلت من المملكة دولة محورية في موازين القوى الإقليمية والدولية.


البعد الاجتماعي والثقافي


يرتبط اليوم الوطني أيضًا بإحياء الهوية الوطنية السعودية من خلال الفعاليات الثقافية والفنية التي تُنظم في مختلف المدن. الاحتفالات لا تقتصر على العروض العسكرية أو الألعاب النارية، بل تشمل مهرجانات أدبية وفنية، ندوات فكرية، وأمسيات شعرية تؤكد أن الهوية السعودية ليست فقط سياسية واقتصادية، بل ثقافية أيضًا. المدارس والجامعات تنظم برامج للتعريف بتاريخ المملكة ورموزها، في حين تتحول الشوارع والساحات إلى فضاءات للاحتفال الشعبي.


ذكرى عابرة للحدود


لا يقتصر تأثير اليوم الوطني السعودي على الداخل فقط، بل يمتد صداه إلى خارج الحدود، حيث تحتفل الجاليات السعودية والعربية بهذه المناسبة، تقديرًا لما تمثله المملكة من ثقل اقتصادي وسياسي وثقافي في المنطقة. في اليمن مثلًا، ينظر كثيرون إلى التجربة السعودية كأنموذج للدولة القوية التي استطاعت تجاوز الانقسامات وبناء مؤسساتها، وهو ما يجعل ذكرى اليوم الوطني فرصة للتأمل في مسار بناء الدول.


العلاقات اليمنية السعودية.. عقود من الدعم والمساندة


لا يمكن الحديث عن اليوم الوطني السعودي دون التوقف عند عمق العلاقة التي تربط المملكة العربية السعودية باليمن، وهي علاقة متجذرة في الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك. فمنذ تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز، كان اليمن حاضرًا في أولويات السياسة السعودية، باعتباره الجار الأقرب والعمق الاستراتيجي الأهم. وعلى مدى عقود، ظلت السعودية تقف إلى جانب اليمن في مختلف المراحل، من تقديم الدعم الاقتصادي والإغاثي، إلى المساندة السياسية في المحافل الدولية.


شهدت العلاقات اليمنية – السعودية محطات مفصلية أكدت متانتها. ففي مراحل الحرب الأهلية في ستينيات القرن الماضي، لعبت المملكة دورًا سياسيًا محوريًا في تقريب وجهات النظر ودعم استقرار اليمن. ومع اندلاع أزمات متلاحقة في العقود اللاحقة، لم تتأخر المملكة في مد يد العون لليمنيين، سواء عبر المساعدات المالية المباشرة أو عبر مشاريع تنموية غطت مختلف القطاعات من صحة وتعليم وبنية تحتية.


وخلال العقود الأخيرة، تعزز هذا الدور أكثر مع إطلاق المبادرات السعودية التي استهدفت دعم الاقتصاد اليمني وتخفيف المعاناة الإنسانية، بدءًا من الودائع المالية في البنك المركزي، مرورًا بالمنح النفطية، وصولًا إلى المشاريع التي ينفذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في مختلف المحافظات. هذه الجهود جعلت السعودية الداعم الأول لليمن على المستويين الإنساني والاقتصادي، رغم كل الظروف المعقدة التي تمر بها المنطقة.


كما أن العلاقة لم تقتصر على الدعم الاقتصادي فقط، بل شملت أيضًا البعد الاجتماعي والثقافي، حيث استقبلت المملكة ملايين اليمنيين للعمل والإقامة، وكان لهم دور في تعزيز الروابط الشعبية والثقافية بين البلدين. هذه الجالية أسهمت في بناء الاقتصاد السعودي، وفي الوقت ذاته كانت متنفسًا اقتصاديًا لملايين الأسر اليمنية عبر التحويلات المالية.


وبينما تحتفل السعودية بيومها الوطني الـ95 هذا العام، فإن اليمنيين يتذكرون حجم الدعم والمساندة التي ظلت المملكة تقدمها لبلادهم على مدى عقود. وهو ما يجعل الحديث عن اليوم الوطني السعودي في اليمن ليس مجرد احتفاء بجارٍ قوي وفاعل، بل أيضًا استحضارًا لمسار طويل من الأخوة والتعاون والتكامل بين شعبين تجمعهما الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك.