منذ أن سقط أول صاروخ إسرائيلي داخل الأراضي اليمنية، برزت مفارقة لافتة في خطاب ومواقف جماعة الحوثي، التي رفعت لعقود شعار “الموت لإسرائيل”، لكنها أظهرت فرحًا واحتفاءً بالدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي، وكأنها وجدت فيه فرصة لتعزيز مشروعها الطائفي وخدمة أجندة طهران.
المتابعون يرون أن هذه المفارقة كشفت زيف الخطاب الحوثي، فالجماعة التي طالما صدّعت رؤوس اليمنيين بمعاداتها لإسرائيل، كانت أول المبتهجين بالضربات، غير آبهة بدماء الأبرياء ولا بسيادة البلاد، بل مسخّرة المأساة لتعزيز حضورها القمعي داخليًا وتوظيف الضحايا في حملات دعائية.
الواقع الميداني أظهر أن الحوثي لا يرى في القصف الإسرائيلي سوى وقود يغذي خطابه الطائفي، فكل دم يسيل يتحول لديه إلى وسيلة لمزيد من التعبئة والتحشيد، فيما تتحول الأمهات الثكالى والأطفال الجوعى إلى أدوات إعلامية تبرر استمرار الحرب، بينما تبقى جثث الضحايا مطمورة تحت الأنقاض بلا مبالاة.
ويرى محللون أن الحوثي، وهو أداة إيرانية في المنطقة، يقدم في الوقت ذاته خدمة مجانية لإسرائيل، عبر إغراق اليمن في الفوضى وتفكيك مؤسساته وإضعاف قدرته على التحكم بمضيق باب المندب. هذا الضعف منح تل أبيب ذريعة لتعزيز وجودها العسكري والاقتصادي في البحر الأحمر، في تهديد مباشر لأمن المنطقة ومصالحها الحيوية.
وبينما يكرر الحوثي خطاباته المليئة بالشعارات ضد إسرائيل، تكشف الوقائع على الأرض أنه التقى معها في نقطة مشتركة: تحويل اليمن إلى ساحة حرب مدمرة، وإبقاء الشعب اليمني غارقًا في المعاناة والفوضى، بما يخدم مصالح القوى الخارجية ويقضي على حلم الدولة المستقرة.
