شهدت محافظة عدن السبت حدثًا استثنائيًا لم تشهده المدينة منذ ما يقارب ستين عامًا، حيث وصلت سيول وادي الحسيني الجارفة القادمة من مديرية تبن بمحافظة لحج إلى شاطئ الحسوة، في مشهد وصفه الأهالي بالحدث النادر والتاريخي.
وقالت مصادر محلية لصحيفة عدن الغد إن الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال اليومين الماضيين على الأودية الشمالية لمحافظتي لحج وعدن، دفعت بكميات هائلة من المياه في مجرى وادي الحسيني، لتتدفق بقوة حتى وصلت إلى شاطئ الحسوة في مشهد لم يره أبناء المدينة منذ ستينيات القرن الماضي.
وتدفقت السيول عبر مجرى الوادي مرورًا بعدد من المناطق الزراعية في تبن، قبل أن تصل إلى مشارف مدينة عدن، لتندفع نحو شاطئ الحسوة الذي استعاد بذلك مشهده التاريخي المندثر منذ عقود طويلة. وأكد الأهالي أن كبار السن استعادوا ذكريات قديمة عن آخر مرة وصلت فيها السيول إلى هذه المنطقة، حيث كان الأمر حينها حدثًا بارزًا ظل عالقًا في الذاكرة الشعبية.
ووصف شهود عيان المشهد بأنه مذهل، حيث امتزجت مياه السيول بمياه البحر في منظر نادر الحدوث، فيما تحولت الطرقات المحيطة بالمجرى إلى بحيرات مائية أعاقت حركة السير، وأثارت المخاوف من انهيار بعض المنازل الطينية القريبة من مجرى السيل.
من جانبهم، دعا ناشطون ومنظمات مدنية السلطات المحلية إلى استغلال هذه المياه عبر إنشاء سدود وحواجز مائية تحول دون هدرها في البحر، خاصة في ظل أزمة المياه التي تعاني منها مدينة عدن منذ سنوات. وأكدوا أن تدفق السيول بهذا الحجم يكشف عن فرص كبيرة للاستفادة منها في تغذية المياه الجوفية وتوفير مصادر إضافية للشرب والزراعة.
ويأتي هذا الحدث في وقت تعاني فيه عدن من أزمات متكررة في المياه والكهرباء والخدمات، ما جعل مشهد وصول السيول إلى الحسوة مناسبة للتذكير بأهمية إدارة الموارد الطبيعية، وتوجيهها بما يخدم السكان بدلًا من أن تتحول إلى مخاطر تهدد حياتهم وممتلكاتهم.
الأهالي في عدن استقبلوا المشهد بذهول وفرح ممزوجين بالقلق، فبينما اعتبره كثيرون حدثًا تاريخيًا يستحق التوثيق، يرى آخرون أن غياب البنية التحتية القادرة على التعامل مع السيول يجعل من هذه الظاهرة خطراً محتملاً إذا ما تكررت مستقبلاً.
