آخر تحديث :الأربعاء-06 أغسطس 2025-04:50م
إقتصاد وتكنلوجيا

البتكوين تعيد تشكيل خريطة الثروة بمكاسب استثنائية

الأربعاء - 06 أغسطس 2025 - 09:42 ص بتوقيت عدن
البتكوين تعيد تشكيل خريطة الثروة بمكاسب استثنائية
(عدن الغد): متابعات خاصة


في وقت تزداد فيه الشكوك حول فاعلية أدوات الاستثمار التقليدية، تواصل عملة البتكوين تعزيز موقعها كواحدة من أكثر الأصول إثارة وجذبًا في الأسواق العالمية. ومع بلوغ سعرها عتبة 114 ألف دولار للوحدة الواحدة خلال عام 2025، تعكس هذه العملة الرقمية مسارًا تصاعديًا لافتًا مدعومًا بتحولات تنظيمية وتبني مؤسسي غير مسبوق، لتتفوق على الذهب والأسهم وتفرض نفسها على الخارطة الاقتصادية كمحرك رئيسي لصناعة الأثرياء.


مليون فرصة ضائعة... ومليونير جديد كل نصف ساعة

تشير التقديرات إلى أن نحو مليون شخص فوتوا فرصة تحقيق ثروة حقيقية من البتكوين، فيما استطاعت العملة المشفرة الأشهر والأكبر في العالم أن تصنع، خلال الأشهر السبعة الأولى فقط من العام الجاري، أكثر من 16 ألف مليونير جديد، وهو ما يعكس التحول في مزاج المستثمرين والمؤسسات تجاه العملات المشفرة.


وبلغة الأرقام، فإن من استثمر 1000 دولار فقط في البتكوين مطلع عام 2013، بات يمتلك اليوم ما يزيد عن 8440 ألف دولار، أي بزيادة تقارب 8.4 أضعاف خلال 13 عامًا، في واحدة من أكبر قصص الثراء التي صنعتها التكنولوجيا المالية.


الذهب تحت المجهر... والبتكوين تتحدى

وفق الأسعار الحالية، يمكن لوحدة واحدة من البتكوين شراء كيلوغرام و50 غرامًا من الذهب، وهو ما يشير إلى تغير واضح في مفهوم "مخزن القيمة". وبينما يُعرف الذهب تاريخيًا بكونه الأصل الدفاعي الأول، فإن البتكوين نجحت في سحب البساط منه، متسلحة بمحدودية المعروض وسرعة التبني، ما جعلها خيارًا استثماريًا بديلًا للجيل الجديد من المستثمرين.


417 مليار دولار مكاسب منذ بداية العام

بحسب بيانات Trading View، بلغت مكاسب البتكوين خلال عام 2025 وحده نحو 417 مليار دولار، في ظل موجة من الطلب المرتفع من المؤسسات والأفراد، وتراجع في قوة الدولار الأميركي، إضافة إلى دعم تشريعي قادم من الولايات المتحدة التي شرعت في سن قوانين لتنظيم سوق الأصول الرقمية، مما أضفى عليها مزيدًا من الشرعية.


سلهب: البتكوين لم تقل كلمتها بعد... و200 ألف دولار واردة قبل نهاية 2025

وفي حديث خاص لبرنامج "بزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية، اعتبر مازن سلهب، كبير استشاريي الاستثمار في مجموعة Baazex، أن البتكوين "ما زالت في بداية الصعود"، متوقعًا أن تلامس مستوى 150 ألف دولار قريبًا، على أن تبلغ 200 ألف دولار قبل نهاية العام الحالي.


ويضيف سلهب: "ما نشهده حاليًا ليس النهاية، بل مرحلة في تطور بنيوي طويل المدى للعملة الرقمية، مدعوم بتبني مؤسسات مالية كبرى بدأت التعامل مع البتكوين كأصل استثماري رغم شكوكها السابقة"، مشيرًا إلى أن أدوات الاستثمار تطورت "من مجرد شراء مباشر إلى أدوات أكثر تقدمًا مثل العقود الآجلة وصناديق المؤشرات".


تبني مؤسسي واسع رغم الحذر

تتباين دوافع دخول المؤسسات الاستثمارية إلى سوق العملات المشفرة، فبينما يرى البعض أن التبني ناجم عن قناعة بالقيمة الجوهرية للعملة، يعتقد آخرون أنه "خضوع لضغوط المستثمرين"، كما يشير سلهب. لكن النتيجة واحدة: البتكوين باتت أصلًا حاضرًا بقوة في قرارات المحافظ الاستثمارية الكبرى، ولو على مضض.


ويضيف سلهب: "اليوم لم تعد البتكوين مجرد أصل رقمي، بل أصبحت مرتبطة بإدراك السوق لقيمتها، فهي تفرض تسعيرها على الدولار وليس العكس. وبهذا، تكون قد بدأت في إعادة تعريف العلاقة بين العملة والأصل الاستثماري".


مؤسسات تراهن على المستقبل: من 200 ألف إلى مليار دولار

تبدو التوقعات المستقبلية حول سعر البتكوين غير مسبوقة. حيث ترى ARK Invest أن السعر قد يصل إلى 2.4 مليون دولار بحلول عام 2030، بينما تتوقع StanChart أن تبلغ 200 ألف دولار في 2025، فيما تشير Fidelity Investments إلى احتمال وصولها إلى مليار دولار في عام 2038.


وبينما تبدو هذه الأرقام ضخمة، فإنها تعكس حجم الثقة المتزايد، إن لم يكن في الأصل نفسه، ففي منظومة العرض والطلب التي تحكمه، خاصة مع انخفاض المعروض وتوسع الأدوات المالية المرتبطة به.


من التقلب إلى التوازن: خارطة التوزيع المثالي للاستثمار

في معرض رده على سؤال حول المفاضلة بين الذهب والبتكوين، أشار سلهب إلى أن الاستثمار في البتكوين قد يكون مفضلًا "لمن يتحلى بالجرأة"، لكنه شدد في الوقت نفسه على أهمية توزيع المحفظة الاستثمارية بطريقة متوازنة.


وفيما يلي توصيته بشأن التوزيع المثالي:


25–30% بيتكوين: لالتقاط فرص النمو السريع.

30–40% ذهب: كأصل دفاعي ضد تقلبات الأسواق.

20% سندات قصيرة الأجل: للتحوط في ظل احتمالات تصحيح مرتقبة.

5–10% أسهم تكنولوجيا متقدمة: للانكشاف على قطاعات النمو.

5–7% عقار: كجزء من استراتيجية الادخار وليس النمو.

التكنولوجيا تقود... والعقار يتراجع

رغم الضجيج المحيط بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يرى سلهب أن التكنولوجيا المتقدمة تبقى خيارًا ضروريًا للمستثمرين، لكنها لا تعني بالضرورة اللحاق بالموضات السريعة. "هناك الكثير من الفرص الواعدة خارج إطار الهوس بالـAI"، على حد تعبيره.


وفي المقابل، يقلل سلهب من جاذبية الاستثمار في العقار، معتبرًا أنه لم يعد يعطي عوائد قوية، بل يمثل مجرد "مستودع للقيمة الادخارية"، لا سيما مع تراجع ثقة المستثمرين في العملات النقدية التقليدية وتنامي البحث عن أصول بديلة.


البتكوين بين الواقع والتوقعات

ما بين الإنجازات الرقمية والمكاسب القياسية، تظل البتكوين في قلب الجدل المالي العالمي. فبين من يعتبرها فقاعة مؤجلة، ومن يراها بداية لثورة نقدية، يبقى المؤكد أنها أعادت رسم خطوط الثروة، ودفعت المؤسسات والمستثمرين لإعادة النظر في مفاهيم الاستثمار التقليدية.


وإذا ما تحققت التوقعات ببلوغ 200 ألف دولار هذا العام، أو 2.4 مليون دولار في غضون خمس سنوات، فإن الأسواق ستشهد – لا محالة – تحولًا بنيويًا في فهم القيمة والثقة والسيولة.


لكن يبقى التحدي الأساسي هو الانتقال من كونها أداة مضاربة عالية التقلب، إلى أصل مستقر وفاعل في النظام الاقتصادي العالمي، وهو ما قد يتطلب سنوات من التنظيم، والاعتماد الحقيقي، والتكامل مع الأنظمة المالية المعاصرة.