يرى المحلل السياسي السعودي عبدالله غانم القحطاني أن اليمن، بمختلف قواه وتياراته السياسية، استنفد جميع أشكال الحكم الممكنة دون أن ينجح في الوصول إلى نموذج دولة مستقر وقابل للحياة، مؤكداً أن الواقع الكارثي الراهن هو النتيجة الطبيعية لتراكم تلك التجارب الفاشلة.
وأوضح القحطاني أن اليمنيين خاضوا تجارب الحكم الإمامي والملكي والجمهوري، مروراً بالقبَلية السياسية الهجينة، والمناطقية، ثم التشطير بنظامين منفصلين، وصولاً إلى تجربة الوحدة، إلا أن جميعها انتهت إلى واقع سياسي وأمني واقتصادي مأزوم.
وأشار إلى أن إشكالية اليمن – أو ما قد يُعد سمة خاصة به – تكمن في تركيبته الديموغرافية والأيديولوجية والجيوسياسية غير المستقرة تاريخياً، مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي التي تمثل في غالبيتها أنظمة ملكية مستقرة، نجحت في بناء دول متقدمة اقتصادياً وخدمياً، رغم أن بعض دول المجلس أقل موارد من اليمن بشرياً وطبيعياً.
وأكد القحطاني أن الفجوة بين اليمن ودول الخليج تتسع يوماً بعد آخر، حيث يتراجع اليمن باستمرار بينما تتقدم دول المجلس بخطوات متسارعة نحو مصاف الدول المتقدمة، لافتاً إلى أن هذا التدهور لا ينعكس على اليمن وحده، بل يمتد تأثيره إلى دول الجوار الخليجي.
وتطرق القحطاني إلى تجربة العراق، مشيراً إلى أن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين أقرّ في وقت سابق بأن مجلس التعاون الخليجي منظومة متقدمة، وأن العراق – رغم موقعه – غير مهيأ سياسياً للانضمام إليها، وهو ما أثبتته لاحقاً تجربة فشل مجلس التعاون العربي الذي أُنشئ كمحاولة موازية.
وانتقد القحطاني ما وصفه بـ”المثالية السياسية” التي تنتهجها دول مجلس التعاون في تعاملها مع اليمن، معتبراً أن هذه السياسة، رغم نجاحها في بيئات أخرى، لا تتناسب مع التعقيد اليمني، وأن استمرار احترام خيارات سياسية يمنية ثبت فشلها يجعل دول الخليج شريكاً في دفع ثمن تلك الأوضاع.
وشدد على أن اليمن لم يعد يمتلك تجربة سياسية جديدة يمكنه خوضها بمفرده أو بمساعدة خارجية، وأن أي محاولة لإعادة تدوير النماذج السابقة لن تؤدي إلى نتائج مختلفة، مؤكداً أن حتى القوى الدولية الكبرى تعجز عن فهم البيئة اليمنية المعقدة أو التضحية من أجلها.
واقترح القحطاني أن يبادر مجلس التعاون الخليجي بطرح مشروع استراتيجي غير ملزم، يقوم على تشجيع اليمنيين – بقرارهم وإرادتهم – على التحول إلى نظام ملكي بالشكل الذي يختارونه ويباركه الشعب، على أن ينسجم مع منظومة الحكم في دول المجلس، مقابل التزام خليجي بضم اليمن رسمياً إلى مجلس التعاون، مع ربط العضوية بالاستقرار ومنع الانقلابات.
وختم القحطاني بالقول إن اليمنيين يستحقون نظاماً سياسياً مستقراً وحكيماً يقودهم نحو السلام والتنمية، مؤكداً أن طرح مثل هذه الأفكار – حتى وإن بدت صعبة التطبيق – يفتح نافذة أمل للمواطن اليمني المنهك من صراعات الأحزاب وتناقضات القيادات السياسية.