قال: "نحن اليمانيون ليس لنا من الوطن إلا الاسم!"، هذه العبارة الموجعة تكشف عن عمق الجرح الذي خلفته الحرب في اليمن، والتي تجاوزت عقدًا من الزمن، تاركة خلفها شعبًا منهكًا، ووطنًا تتنازعه الجراح.
لم يعد اليمني كما كان، لا في ملامحه ولا في مزاجه ولا حتى في منطقه.
الحرب العبثية التي طالت كل شيء، أعادت تشكيل الشخصية اليمنية، فغابت عنها الطمأنينة، وتبددت ملامح السكينة التي طالما عُرف بها أهل اليمن.
أصبح اليمني غريبًا في وطنه، تائهًا في أرضه، يبحث عن ذاته وسط ركام المدن وخراب الأحلام.
في ظل هذه الظروف القاسية التي فرقت اليمانيين في الفكر والسياسة والوطن لم يبق لنا الا الامل في الله.. وعلى اليمني ان لايستسلم لعداوالواقع المزري بل يحليق بجناحيه عاليًا، ليتجاوز الجغرافيا التي تتفتت ليتفتت معها النسيج الاجتماعي وأن يرفض أن تكون الظروف قيدًا على فكره أو طموحه.
فالوطن، كما نراه لم يعد مكانًا، بل أصبح فكرة، حلمًا مؤجلًا، وحنينًا لا يهدأ.
اليمني اليوم، وإن كان يعيش على الأرض، إلا أن واقعه أشبه بالغربة الكونية. لا مأوى، لا استقرار، لا وطن يحتضن أبناءه.
عشر سنوات أو تزيد، واليمنيون مشردون في وطنهم، سائحون في أرض الله، يتقاسمون مع وطنهم قدرًا واحدًا من الألم والتيه.
نحن لا نكتب فقط عن معاناة شعب، بل عن وطن بأكمله فقد بوصلته. وطن لم يعد يعرف نفسه، ولا يعرفه أبناؤه. وطن يتألم بصمت، كما يتألم شعبه، ويبحث عن استقرار طال انتظاره، وعن سلام يبدو بعيد المنال.
نحن لا نكتفي برصد المأساة، بل يجب ان نصرخ بها، نضعها أمام القارئ عارية من التجميل، صادقة في وجعها، لعلّ في البوح شفاء، أو في الكتابة بداية خلاص.
والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.