آخر تحديث :الثلاثاء-16 ديسمبر 2025-02:53م

وطنية “ التيك توك ” .. وجمهورية التنظير الفارغ

الإثنين - 15 ديسمبر 2025 - الساعة 07:26 م
صلاح البندق

بقلم: صلاح البندق
- ارشيف الكاتب


في هذا الزمن العجيب، صار بعض الناس يعتقد أن الوطنية “ فلتر ”، وأن النضال “ ستوريات ”، وأن حب الوطن يُقاس بعدد الصور مع القيادات، لا بعدد المواقف عند الشدائد.

ظهر لنا جيل جديد من الوطنيين : وطني عند اللقطات.. وصامت عند اللطمات.

يصرخ : الوطن فوق الجميع، ثم ينهار عند أول فرصة وظيفة !


وهؤلاء يحتاجون نصيحة تليق بهم.. نصيحة تُضحك حتى الجدران من فرط وضوحها.


*العرب قالوا قديماً — وكأنهم رأوا زماننا هذا :*


*" لا ترافق حديث السن وحديث الغنى وحديث القيادة "..*

فهؤلاء ثلاثتهم يجتمعون في “ كبسولة ” واحدة :

شابٌ لا يعرف الفرق بين الوطن والمطعم، وغنيٌّ يظن أن الولاء يُشترى بالتحويلات، وقائدٌ اكتشف

“ حب الوطن ” يوم

سلّموه المقعد !


*" ولا تعاند قديم المهنة وقديم المعرفة وقديم الجيرة "..*

لأن من جرّب الزمن يعرف قيمة الوطن.. أما من جرّب “ حساب بنكي جديد ” فيعرف قيمة العمولات فقط.


*" ولا تطعن في نظيف الشرف والسمعة واليد " ..*

لأن هؤلاء يزعجون أصحاب الوطنية المؤقتة.. فهم لا يتسخون كي يُقارنوا بهم.


*" ولا تجامل قليل العقل وقليل الخبرة وقليل الخير "..*

هؤلاء أخطر على الوطن من الطابور الخامس.. لأنهم طابور خامس وسادس وسابع مجتمعين في

رأس واحد !


*" ولا تتحدى قوي الإيمان وقوي العضلات وقوي الذاكرة "..*

فصاحب الذاكرة القوية يفضح وطنيتهم السريعة التي تُصنّع في المختبرات الإعلامية خلال 24 ساعة.


*" ولا تشاور ضعيف الشخصية والنفس والحجة " ..*

فهذا يعطيك رأياً في السياسة.. وهو لا يستطيع أن يختار نوع العصير من دون استشارة !


*" ولا تتجاوز كبير القلب وكبير الهمة وكبير الميعاد "..*

لأن هؤلاء يقطعون الطريق على تجار الشعارات.. ويحرجون “ الوطنجيين ” الذين لا يعرفون من الوطنية إلا مقدمة خطبة الجمعة.


*" ولا تنس واسع الأفق وواسع الحيلة " ..*

فهو يعرف كيف يقود سفينة.. بينما الوطني الزائف لا يعرف يملأ استمارة.


*" ولا تُقنع ضيّق الخلق وضيق النظر وضيق التفكير "..*

فهو يرى الوطن غرفة نومه. ويرى الشعب قائمة أعدائه.. ويرى السياسة كيس قات !


*" ولا تجادل صغير العقل وصغير السن وصغير التجربة "..*

فهم أول من يصرخون : “ الوطن خط أحمر ”.. وآخر من يعرف أين يقع الخط !



الخلاصة الساخرة


الوطنية الحقيقية لا تُباع بالتقسيط، ولا تنمو في الظل، ولا تتغذّى على التصفيق.

أما الوطنية الزائفة.. فهي كالطبل: صوتٌ عالٍ.. وجوفٌ فارغ.


فإلى كل من يدّعي الوطنية:

خففوا ضجيجكم.. فالوطن لم يعد يحتمل الضوضاء.


وإن عجزتم عن خدمة الوطن..

فعلى الأقل لا تتصدروا المشهد لالتقاط الصور !