آخر تحديث :الثلاثاء-23 ديسمبر 2025-12:17ص

حضرموت… لحظة كسر عظم والتحالف يتدخل

السبت - 06 ديسمبر 2025 - الساعة 09:06 م
د.فائزة عبدالرقيب سلام

بقلم: د.فائزة عبدالرقيب سلام
- ارشيف الكاتب



ما جرى في حضرموت مؤخرا لم يكن ارتباكا امنيا ولا سقوطا مفاجئا للمنطقة العسكرية الاولى بل كان احتكاكا مباشرا بين مشروعين تجاوز احدهما الخط الاحمر، الامر الذي استدعى حضور اللواء محمد عبيد القحطاني - الرجل الذي اعتاد العمل بصمت - الى المكلا دليلا على أن ما حدث لم يمر عبر المسارات المعتادة، وأن ثمة اقترابا غير محسوب من مناطق حساسة لا تحتمل التجربة. الرسالة التي حملها كانت مختصرة وصارمة: حضرموت ليست ورقة للمقايضة، ولن تُترك لغير اصحاب قرارها.


في خلفية هذا الاشتباك، تبدو ان التحركات على الارض اقرب الى اعادة فرز نفوذ لا الى حرب. وكذلك المجلس الانتقالي، الذي اندفع نحو حضرموت من دون غطاء من التحالف، اصطدم بحدود لا يمكن تجاوزها. وسيجد نفسه مضطرا الى التراجع تدريجيا او اعادة ترتيب انتشاره، تجنبا لاحتكاك اكبر مع التحالف. فالدخول بهذه الطريقة يتماهى مع التصريح التبريري العاجل للبحسني، نائب رئيس الانتقالي وعدم مقاربة ما ورد فيه مع الحقائق على ارض الواقع و يصنع حساسية يصعب على الانتقالي حملها اليوم او غدا، والانسحاب الهادئ المتدرج يبقى الخيار الأكثر واقعية.


في الاتجاه المقابل يلوح احتمال عودة شخصيات قبلية تراجعت في السنوات الماضية، وعلى رأسها بن حتريش. فالمعادلة الجديدة تدفع التحالف للبحث عن واجهات محلية تُمسك بتوازن القبائل وتخفف حدّة اللحظة من دون ضجيج سياسي او عسكري. فحضرموت بطبيعتها تميل الى الوجوه القبلية الهادئة، ومن يملك رصيدا اجتماعيا قادرا على امتصاص الغضب قد يجد نفسه في موقع متقدم من جديد، ضمن اعادة تدوير محسوبة لاعادة التوازن داخل المحافظة.


وفي المقابل، فأن المجلس الرئاسي، رغم تلقيه رسالة داعمة من القحطاني، يظل بلا قدرة فعلية على تغيير المعادلة حتى وان بقي في الواجهة اعلاميا، لكنه لا يمتلك القدرة على صنع قرار مستقل على الارض وسيواصل الوقوف خلف خيارات التحالف وينتظر الضوء الأخضر منه في مشهد يعكس حدود دوره اكثر مما يعكس قوته بالذات في هذه المرحلة التي تتهيأ لمخاض حل سياسي شامل تساق اليه اليمن من الخارج خاصة وأن ما يحدث الان في حضرموت والمهرة لا تذهب بعيدا عن التفاهمات الاقليمية - الدولية لمستقبل اليمن والمنطقة.


اما مابعد هذا الحدث، فالغالب أن الايام القادمة ستشهد مرحلة اعادة ترتيب هادئة: إعادة تموضع للقوات، واستدعاء لوجوه محلية

جديدة، وترسيم لخطوط حمراء سوف يحرص التحالف على تثبيتها بوضوح، ستلتقط الإمارات اشاراتها، فيما تراقب واشنطن خارطة النفوذ بين شريكيها الخليجيين.


وبالنسبة لحضرموت فأنها ستكون في قلب هذه التحولات و تدخل مرحلة اعادة تعريف، حيث يتضح اكثر من اي وقت مضى أن المحافظة ليست ساحة تجارب لقوة طارئة، بل ميزان نفوذ وهوية من يحاول القفز فوقه سيدفع الثمن سريعا.