آخر تحديث :الأحد-23 نوفمبر 2025-12:19ص

ھل أصبحت "السحابة" ھي الوطن الرقمي البدیل للدول الفاشلة؟

السبت - 22 نوفمبر 2025 - الساعة 07:01 م
عبدالناصر صالح ثابت

بقلم: عبدالناصر صالح ثابت
- ارشيف الكاتب


م. عبدالناصر صالح ثابت


في الدول التي تتأرجح على حافة الھاویة، ومنھا بلادنا الیمن، حیث تتعایش الأزمات السیاسیة مع البنیة التحتیة المنھارة

وانقطاع شرایین الطاقة والاتصالات، تتحول الحیاة إلى سباق محموم من أجل البقاء. المؤسسات التي تحاول الصمود في ھذا

العقول الموھوبة، والثانیة ھي تأمین رأس مالھا الرقمي، أي بیاناتھا وأنظمتھا الحیویة. الواقع المؤلم ومواكبة التحول الرقمي تواجھ ھنا معركة على جبھتین: الأولى ھي الحفاظ على رأس مالھا البشري ومنع ھجرة

في ھذه الظروف الھشة، تبرز الحوسبة السحابیة (الكلاود) كاستجابة وجودیة لھذا التحدي المزدوج. فإذا كانت ھجرة

الكفاءات بحثًا عن أرض مستقرة للعمل والإبداع، فإن ھجرة البیانات إلى السحابة تمثل ملاذًا رقمیًا آمنًا بعیدًا عن الفوضى

المحلیة.

تبرز السحابة كحل یمنح المؤسسات القدرة على نقل قلب عملیاتھا إلى بیئة مستقرة خارج حدود الجغرافیا المتوترة. ھذا

ومن أي مكان، مما یجعل انقطاع الكھرباء أو انعدام الأمن المحلي تفاصیل ثانویة لا تعرقل عجلة العمل. التحول لیس مجرد استبدال خوادم قدیمة، بل تحول في عقلیة البقاء .فھي تضمن الوصول إلى الأنظمة الحساسة في أي وقت

من الشركات الناشئة التي تكتشف طریقھا وسط الركام، إلى المنظمات الإنسانیة التي یجب أن تعمل دون توقف، وصولاً إلى

الشركات الكبرى والبنوك التي تسعى للربط بالسوق العالمي ... الجمیع یرى في السحابة جسرًا رقمیًا یربط الحاضر

والإنتاجیة. المضطرب بمستقبل ممكن .إنھا تضمن المرونة التشغیلیة، وتقلل المخاطر، وتسمح للعقول المتبقیة بمواصلة الإبداع

لكن لكل قرار استراتیجي ثمنھ ومخاطره. فمع نقل البیانات إلى سماء أخرى، یطل شبح فقدان السیطرة على المعلومات

الحساسة .قد تجد المؤسسة نفسھا أمام قوانین غریبة للدولة المستضیفة تطال بیاناتھا الخاصة، مما یثیر تساؤلات جدیة حول

السیادة والخصوصیة. كما أن ھذا الملاذ الرقمي یعتمد اعتمادًا كلیًا على شریان الإنترنت المتقطع وغیر الموثوق في ھذه

فالسحابة، على قوة دفاعاتھا، تبقى ھدفًا للھجمات التي تستغل ضعف الاتصال المحلي كنقطة اختراق. الدول. فما قیمة السحابة إذا كان الوصول إلیھا غیر مضمون؟ یضاف إلى ذلك أن ھاجس الأمان السیبراني لا یغیب،

في نھایة المطاف، لا یمكن اعتبار السحابة الرقمیة خیارًا ثانویًا في الدول غیر المستقرة، بل ھي ضرورة استراتیجیة للبقاء .

الحل لا یكمن في الإلغاء، بل في الإدارة الحكیمة للمخاطر. النموذج الھجین، الذي یزاوج بین قوة السحابة العامة وسیطرة

مرونة السحابة العالمیة. السحابة الخاصة، یصبح ھو المخرج؛ إذ یضمن بقاء البیانات الحیویة قریبة ومحمیة، بینما تستفید العملیات الأخرى من

بھذا، تتحول ھجرة البیانات إلى السحابة إلى وسیلة ذكیة لضمان استمراریة الأعمال، وتؤكد أن ھجرة العقول، إذا حدثت، لا

تعني انقطاع الإبداع، بل استمراره من أي بقعة في العالم. السحابة الرقمیة ھي الجسر الذي یربط بین الفوضى والمستقبل،

بین التحدي والاستمراریة، وبین رأس المال البشري والرقمي، لتصبح الخیار الأمثل الذي یحوّل التحدیات في الدول الھشة

إلى فرص للبقاء والتقدم.

ولھذا، تضمن المؤسسات الطموحة استمراریة أعمالھا وبیاناتھا حتى یحن الفرج القریب أو البعید في الدول غیر المستقرة،

لتبقى قادرة على مواكبة التحول الرقمي والتقدم رغم الظروف الصعبة.