في خضم الأزمة اليمنية المتفاقمة، يبرز اسم رئيس الوزراء سالم بن بريك كأحد الشخصيات التي أثارت جدلاً واسعاً بين مؤيدين يرونه "المنقذ المنتظر"، ومعارضين يرون فيه امتداداً لنهج سياسي أثقل كاهل البلاد. وبين هذا وذاك، تظل الحقيقة رهينة الأداء الفعلي على الأرض، لا الشعارات ولا الولاءات.
*من وزير مالية إلى رئيس وزراء... ماذا تغير؟*
قبل أن يتولى رئاسة الحكومة، كان سالم بن بريك وزيراً للمالية، وهي مرحلة شهدت اضطرابات مالية حادة، أبرزها توقف صرف الرواتب، تراجع دور البنك المركزي، وتغوّل البنوك الخاصة على المشهد المالي.
ورغم وجود حكومة شرعية معترف بها دولياً، إلا أن السياسات المالية آنذاك لم تنجح في تخفيف المعاناة الاقتصادية، بل زادت من تفاقمها، وسط تبريرات متكررة تُعلق الفشل على شماعة "الحوثيين".
*ميناء نشطون... قرار يثير الريبة*
من أولى قرارات بن بريك بعد توليه رئاسة الوزراء كان إيقاف نشاط ميناء نشطون، أحد المرافق الحيوية التي ترفد ميزانية الدولة بملايين الدولارات سنوياً. القرار جاء دون مبررات واضحة أو مخالفات معلنة، ما أثار تساؤلات حول دوافعه، خاصة في ظل تقارير تشير إلى ضغوط إماراتية وراء هذا الإيقاف.
فهل كان القرار اقتصادياً أم سياسياً؟ وهل يخدم مصالح اليمن أم مصالح خارجية؟
*الولاء السياسي... بين الداخل والخارج*
زيارة بن بريك للإمارات بعد تعيينه أثارت موجة من الانتقادات، خاصة في ظل الاتهامات المتكررة بارتباطه الوثيق بسياسات أبوظبي، التي يرى البعض أنها تلعب دوراً سلبياً في الملف اليمني.
هذه الاتهامات لا تأتي من فراغ، بل من سياق سياسي معقد، تتداخل فيه المصالح الإقليمية مع الطموحات الشخصية، وتنعكس نتائجه على المواطن اليمني الذي يعاني من الجوع وانقطاع الرواتب.
*هاني وسالم... تشابه في المسار؟*
يرى منتقدو بن بريك أنه لا يختلف كثيراً عن ابن عمه هاني بن بريك، المعروف بمواقفه المثيرة للجدل ودوره في تأزيم الوضع في الجنوب. ويذهب البعض إلى اعتبار أن العائلة السياسية التي ينتميان إليها تمثل "أصل الأزمة اليمنية"، بسبب ارتباطها الوثيق بأجندات خارجية، وتغليبهما للمصالح الشخصية على حساب الوطن.
*صرخة شعبية... هل من ثورة؟*
في ظل استمرار المعاناة، وانعدام الإنجازات، تتعالى الأصوات المطالبة بالتغيير الجذري، لا عبر التطبيل السياسي، بل عبر ثورة شعبية تستعيد القرار الوطني وتضع حداً للتبعية والفساد. فاليمن لا يحتاج إلى موظفين عند "الكفيل"، بل إلى قادة يحملون همّ الوطن ويعملون لأجله.
المرحلة الراهنة تتطلب مراجعة شاملة لكل من يتصدر المشهد السياسي، بعيداً عن الولاءات الخارجية أو التبريرات الواهية. فالوطن لا يُبنى بالشعارات، بل بالعمل الصادق، والقرار المستقل، والعدالة الاجتماعية. والشعب اليمني يستحق أكثر من مجرد وعود... يستحق حياة كريمة وقيادة وطنية حقيقية.