في الرابع عشر من أكتوبر عام 1963، اشتعلت شرارة الثورة من جبال ردفان الشمّاء، لتعلن أن الجنوب اليمني يأبى الهوان، ويرفض أن يظلّ تحت وطأة المستعمر مهما تجمّلت قيوده، برغم أن عدن كانت آنذاك درّة الشرق، مدينةً للحضارة والثقافة، تضاهي عواصم العالم في ازدهارها، وأبناء الجنوب من أكثر الشعوب علماً وتمدّناً.
لكن الثوار أدركوا أن التقدّم بلا حريةٍ سراب، وأن الطوق – وإن كان من ذهبٍ – يبقى طوقًا في عنق الكرامة.
ومن ردفان إلى عدن، ومن لحج إلى حضرموت، اشتعلت جذوة النضال، وسُقيت بدماء الأحرار حتى بزغ فجر الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر عام 1967، يوم غادر آخر جندي بريطاني أرض الوطن.
ذلك النصر كان ثمرة أكتوبر، وكان شاهداً على أن الشعوب الحية لا تُستعبد، وأن الحرية لا تُوهب، بل تُنتزع انتزاعاً.
واليوم، ونحن نُحيي ذكرى ثورة أكتوبر المجيدة، علينا أن نستلهم منها روح العزة والكرامة، وألا نرضى بالتبعية أو الارتهان لأي قوةٍ كانت.
فالحرية موقف، والسيادة إرادة، ومن فقد إرادته فقد وطنه وإن بقي على خريطته.
رحم الله شهداء الثورة، وأبقى فينا جذوة أكتوبر مشتعلة، تنير درب الأحرار وتذكّرنا بأن الكرامة لا تُقاس بعمران المدن، بل بعزة النفوس.