في تصعيدٍ خطير وجريمة جديدة تضاف إلى سجل ميليشيا الحوثي الملطخ بالإرهاب، عادت هذه الجماعة إلى استهداف السفن التجارية وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، ضاربة عرض الحائط بكل القوانين الدولية والإنسانية، ومؤكدة مجددًا أنها ليست سوى أداة لتنفيذ الأجندة الإيرانية في الإقليم. أحدث فصول الإرهاب الحوثي تمثل في محاولة اختطاف السفينة التجارية “ماجيك سيز”، والتي كانت محمّلة بأكثر من 17 ألف طن متري من نترات الأمونيوم، وهي مادة شديدة الانفجار تُستخدم في صناعة المتفجرات. ولولا فشل الميليشيا في عملية الاختطاف، لانتهى الأمر بكارثة تفوق في تداعياتها كارثة مرفأ بيروت، التي لا تزال آثارها ماثلة أمام العالم. لكن الفشل لم يمنع وقوع الضرر؛ فقامت ميليشيا الحوثي بإستهداف السفينة وإغراقها، واليوم يواجه البحر الأحمر كارثة بيئية محققة. إن غرق السفينة المحمّلة بنترات الأمونيوم يشكل خطرًا بيئيًا فادحًا، إذ تتسرب هذه المواد السامة إلى مياه البحر، مهددة الثروة السمكية والشعاب المرجانية النادرة في البحر الأحمر. هذا التلوث لا يقتصر على تهديد الكائنات البحرية فقط، بل يطال حياة الملايين ممن يعتمدون على البحر كمصدر للرزق والغذاء. الضرر البيئي الناجم عن جرائم الحوثيين في البحر ليس مجرد تلوث عابر، بل هو دمار طويل الأمد للنظام البيئي البحري. الشعاب المرجانية، التي استغرقت آلاف السنين لتتشكل، تواجه خطر التدمير، مما يؤدي إلى اختلال في التوازن البيئي وانهيار سلاسل الغذاء البحرية. التهديد يمتد إلى دول المنطقة كافة، ويطال العالم بأسره، فالبحر الأحمر ليس ممرًا محليًا، بل شريان عالمي للطاقة والتجارة. ما تمارسه ميليشيا الحوثي من قرصنة بحرية منظمة، لا يمكن اعتباره مجرد تهديد محلي. إنه عمل إرهابي دولي يستهدف الأمن البحري في أحد أكثر الممرات الملاحية حساسية في العالم. مضيق باب المندب، الرابط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، على شفا الإغلاق بفعل العبث الحوثي، ما يعني تهديدًا مباشرًا لأمن الطاقة العالمي وتعطيلًا لحركة التجارة الدولية. إن السكوت على هذه الأفعال ليس حيادًا، بل تواطؤًا غير مباشر. المجتمع الدولي الذي طالما تغنّى بحقوق الإنسان والقانون الدولي، مطالب اليوم بردع هذه الميليشيا بكل الوسائل الممكنة. لا مجال للمراوغة أو البيانات الباهتة. إن لم يتم اجتثاث هذا الورم الحوثي من جذوره، فإن العالم سيدفع ثمن تقاعسه باهظًا، لا من الناحية البيئية فقط، بل على مستوى الأمن والاقتصاد العالميين. إن هذا الإرهاب الذي تُمارسه ميليشيا الحوثي، ليس وليد اللحظة، بل هو جزء من استراتيجية إيرانية واضحة تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة وتهديد المصالح الدولية. لقد كتبنا وناشدنا وشرحنا وحذرنا مرارًا وتكرارًا من الخطر الحوثي، وقلنا بصوت عالٍ إن هذه الجماعة ليست طرفًا محليًا بل ذراعًا إرهابية إيرانية تُنفذ تعليمات الحرس الثوري من صنعاء إلى الساحل التهامي. المرحلة القادمة لا تحتمل التهاون. إما ردع الحوثيين الآن، أو مواجهة تبعات لا يمكن احتواؤها لاحقًا. كل دقيقة صمت هي فرصة جديدة للحوثي لتلغيم البحر، وخنق التجارة، وتفجير البيئة، وتهديد الملايين. إن العالم أمام لحظة حاسمة، ولا بد من اتخاذ قرار حازم اجتثاث هذه الجماعة، وتجفيف منابع دعمها، ووضع حدٍ نهائيٍ لعبثها. التاريخ لن يرحم المتقاعسين، والبحار التي تُسمم اليوم ستلفظ سمومها غدًا على شواطئ الجميع، بلا استثناء.