آخر تحديث :الخميس-19 يونيو 2025-09:54ص

المغترب عن الوطن وأجره على الله !.

الإثنين - 23 أكتوبر 2017 - الساعة 08:50 ص
حسين صالح غالب السعدي

بقلم: حسين صالح غالب السعدي
- ارشيف الكاتب


 كنت أبحث في المواقع لأجد في الأجور للمغتربين حتى نسلي عليهم بما يعانوه من غربتهم عن الأوطان وكذا غربتهم بين أهل الدنيا الفانية فلم أجد أفضل مما كتب الإمام / ابن القيم في كتابه : " الغربة و الاغتراب" بتحقيق الشيخ / علي حسن عبدالحميد ـ فأخذت منه هذا الموضوع الشيق والمتنفس للمغترب وما يعانيه سواءا في الغربة عن الوطن أو غربته بين أهل الدنيا المنغمسين بحرامها ومأسيها ..

 

قال الله تعالى :" فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممّن أنجينا منهم " (هود 116)

 

- الغرباء في العالم هم أهل هذه الصفة المذكورة في الآية و هم الذين أشار إليهم النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : بدأ الإسلام غريبا و سيعود غريبا فطوبى للغرباء " ، قيل : و من الغرباء يا رسول الله؟ قال: " الذين يُصلحون إذا فسد الناس " ، و في رواية : " الذين يزيدون إذا نقص الناس" معناه الذين يزيدون خيرا و إيمانا و تقى إذا نقص الناس من ذلك ، و في رواية ": إنّ الإسلام بدأ غريبا و سيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء " ، قيل : و من الغرباء يا رسول الله ؟ قال :"النزاع من القبائل" قال البغوي : حديث صحيح ، و معناه : المهاجرون الذين هاجروا أوطانهم في الله

و في حديث عبد الله بن عمرو قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم ذات يوم و نحن عنده :" طوبى للغرباء" ، قيل : و من الغرباء يا رسول الله؟ قال : "ناس صالحون قليل في ناس كثير من يعصيهم أكثر ممّن يطيعهم" (صحيح)

 

- الداعون إلى السنة الصابرون على أذى المخالفين هم أشدّ الناس غربة

 

- الغربة ثلاثة أنواع :

 

1) غربة أهل الله و أهل سنة رسوله صلى الله عليه و سلم بين هذا الخلق و هي الغربة الممدوحة و هذه الغربة لا وحشة على صاحبها و من هؤلاء الغرباء من ذكرهم أنس في حديثه عن النبي صلى الله عليه و سلم: " رُبّ أشعث أغبر ذي طمرين لا يٌؤبه له لو أقسم على الله لأبرّه " ، قال الحسن :" المؤمن في الدنيا كالغريب لا يجزع من ذلها و لا ينافس في عزّها ، للناس حال و له حال، الناس منه في راحة، و هو من نفسه في تعب "

و من صفات هؤلاء الغرباء الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه و سلم التمسك بالسنة إذا رغب عن الناس و ترك ما أحدثوه و إن كان هو المعروف عندهم و تجريد التوحيد و إن أنكر ذلك أكثر الناس و ترك الانتساب إلى أحد غير الله و رسوله ، لا شيخ و لا طريقة و لا مذهب و لا طائفة بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية و إلى رسوله بالإتباع لما جاء به وحده و هؤلاء هم القابضون على الجمر حقا ، و أكثر الناس لائم لهم ، فلغربتهم بين الخلق يعدونهم أهل شذوذ و بدعة و مفارقة للسواد الأعظم

-كيف لا تكون فرقة واحدة قليلة جدا غريبة بين اثنتين و سبعين فرقة؟؟

- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ": مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر حتى إذا رأيتم شحا مطاعا و هوى متبعا و دنيا مؤثرة و إعجاب كل ذي رأي برأيه و رأيت أمرا لا يدلك به ، فعليك بخاصة نفسك ، و إياك و عوامهم ، فإنّ وراءكم صبرٌ الصابر فيهن كالقابض على الجمر ( صحيح)

- جعل للمسلم الصادق في هذا الوقت إذا تمسك بدينه أجر خمسين من الصحابة

- في سنن الترمذي و أبي داود من حديث أبي ثعلبة الخُشني قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن هذه الآية :" يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم " فقال:" بل ائتمروا بالمعروف و تناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا و هوى متبعا و دنيا مؤثرة و إعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك و دع عنك العوام فإنّ من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيهن مثل قبضٍِِ على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله " ، قلت: يا رسول الله ، أجر خمسين منهم؟ قال :"بل أجر خمسين منكم " (حديث صحيح)

 

2) النوع الثاني من الغربة : غربة مذمومة و هي غربة أهل الباطل :رغم كثرتهم فهم يُعرفون في أهل الأرض و يخون على أهل السماء

 

3) النوع الثالث : غربة مشتركة : لا تحمد و لا تذم و هي الغربة عن الوطن فإن الناس كلهم في هذه الدار غرباء إذ ليست مستقر لأحد

قال النبي صلى الله عليه و سلم لعبد الله بن عمر : " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل "

 

- الاغتراب على ثلاث درجات :

 

1) الاغتراب عن الأوطان : و يقاس له في قبره من مدفنه إلى وطنه :

عن عبد الله بن عمرو قال : توفي رجل بالمدينة - ممن ولد بالمدينة - فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال : يا ليته مات في غير مولده ، فقال رجل : و لم يا رسول الله ؟ فقال : إن الرجل إذا مات في غير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة ، صححه ابن حبان و حسنه الألباني

 

2) غربة الحال : و هذا من الغرباء الذين طوبى لهم و هو رجل صالح في زمان فاسد بين قوم فاسدين أو عالم بين قوم جاهلين أو صديق بين قوم منافقين

 

3) غربة الهمة : و هي غربة طلب الحق و هي غربة العارف ، و غربة العارف هي غربة الغربة لأنه غريب الدنيا و الآخرة و هذه الدرجة أعلى مما قبلها : لأن الأولى غربة بالأبدان ، و الثانية : غربة بالأفعال و بالأحوال ، و الثالثة غربة بالهمم ، فهو غريب في أبناء الآخرة فضلا عن أبناء الدنيا

 

وسبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك