قال الدبلوماسي اليمني السابق خالد اليماني إن المقال الذي نشره الإعلامي السعودي عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، حول رؤيته لخارطة طريق عقلانية وتوافقية لقيام دولة الجنوب العربي، يمثل تشخيصًا سياسيًا متقدمًا للحظة اليمنية الراهنة، ويعكس مقاربة سعودية تاريخية ومتجددة تجاه جنوب اليمن بوصفه عمقًا استراتيجيًا أصيلًا للمملكة ومنظومة الأمن الخليجي.
وأوضح اليماني، في مقال حمل عنوان «خارطة الطريق: الواقعية السياسية نحو استحقاق الاستقلال»، أن هذه المقاربة تتقاطع في جوهرها مع الرؤية التي تبناها المجلس الانتقالي الجنوبي منذ تأسيسه عام 2017، والتي مكّنته من التحول إلى طرف رئيسي في معادلة المشهد السياسي القائم، لا مجرد فاعل هامشي.
وأشار إلى أنه، ورغم أهمية الأفكار والمسارات التي طرحها الراشد، فإن بعض المداخل التاريخية والمقارنات الواردة في المقال لا تنسجم كليًا مع حقيقة القضية الجنوبية، مؤكدًا أن هذه القضية لم تكن نتاج نزعة انفصالية، بل جاءت نتيجة مسار طويل من الإقصاء والتجويع والعنف السياسي، بلغ ذروته باجتياح الجنوب عسكريًا في حرب 1994، وتحويل مشروع الوحدة من شراكة متكافئة إلى واقع إلحاق وهيمنة.
ولفت اليماني إلى أهمية التذكير بالدور السعودي في هذا السياق، موضحًا أن المملكة العربية السعودية كانت من أوائل الأطراف التي نبّهت قيادة الجنوب في عام 1990 إلى مخاطر التسرع في الذهاب نحو وحدة غير محسوبة العواقب، جاءت في لحظة انهيار الدعم الذي كان يتلقاه جنوب اليمن عقب سقوط الاتحاد السوفيتي.
وأكد أن تطورات الأحداث أثبتت لاحقًا أن تلك النصيحة لم تكن موقفًا سياسيًا عابرًا، بل قراءة استراتيجية بعيدة النظر لمآلات كيان وُلد هشًا، ولم تُبنَ وحدته على أسس مؤسسية أو توافقية، بل على قاعدة الإلحاق، وهو ما أفضى في نهاية المطاف إلى تفجر القضية الجنوبية بوصفها استحقاقًا سياسيًا لم يعد بالإمكان تجاهله.