آخر تحديث :الأحد-28 ديسمبر 2025-08:15م
أدب وثقافة

مقام الندم السابع (قصة قصيرة)

الأحد - 28 ديسمبر 2025 - 06:36 م بتوقيت عدن
مقام الندم السابع  (قصة قصيرة)
بقلم / ماريا الحسني

مرّت سنةٌ كاملة على كتابته للمقدمة، وكان ينبغي أن يصمد سنة أخرى ليستمر في كتابتها ليس لأنه لم يجد الكلمات المناسبة، لكنه كان يخاف أن يقوم أحدُهم بقراءَتِهِ.


وفي حزيران (يونيو) كان قد بلغ السبعين عامًا ولا يمكن للمرء أن يحتفظ طويلًا بكل ذلك العبء.

كان يستحضر ماضيه بنبرة المذنب، ويبني أحاديثه بلمسة المغزى الضائع المبهم غيرِ المفهوم أبدًا.



​لقد استسلم على مهلٍ للندم، دون شريك للكمد، ولم يعد بوسعه مجاراة نفسه.

كانت آثامه تلتف حول عنقه مثل حبل، وكأن كل شيء قد رسمه (رافائيل) في إحدى لوحاته بنمط البورتريه تشرح كل المشهد.

كان هناك شرخ في شريط حياته يصعب إصلاحه.


شيء ما كان يمتصه بكيفيةٍ شديدة، ويشل لسانه مثلما تُؤخذ الأرواح من أصحابها.

ما عاد بمقدوره أن يحتفظ بعقله، لقد بلغ الحال به غافلًا عن كل الأمور التي تؤثث حاضره.


​لم يكن هناك صوت يمكنه من خلاله طلب النجدة، وفي هذه الحالة كان يغدو كل شيء ظلامًا لولا الأمل، ولسوء حظه، لم يكن هناك أحد حوله، أو ربما لحسن حظه لم يكن محاطًا بأشخاصٍ يأكلُهم الفضول لمعرفته، ولو كان هناك أحد لن يستطيع أن ينقذه من معضلته المليئة بالشتائم والأكاذيب.



​شعوره بالوهن وضربات قلبه وهي تدق كا ما تبقى له من عمره، جعلت من صمته وَغْدًا لا يُطاق؛ فتدلى الفك أخيرًا، وانطلقت روحه من تحت لسانه كما تنطلق الحجج من فم المذنب.