في ليلة اتجهت فيها الأنظار نحو اختبار جديد لهيبة "الأخضر"، قدّم المنتخب السعودي عرضًا قويًا أعاد من خلاله ترتيب المشهد، وأسقط نظيره العُماني في مواجهة اتسمت بالترقّب وتقدير الحسابات.
المباراة حملت العديد من العناوين، ولعل عنوانها الأبرز هو رد الاعتبار وإنهاء الجدل في العديد من الأمور مع استعادة الثقة، وسط أجواء مشحونة بطابع المنافسة الحقيقية، ليبرهن المنتخب السعودي على قدرته في التحكم وفرض شخصيته.
واستطاع المنتخب السعودي تحقيق الفوز على عمان، بنتيجة (2-1) في مستهل مشواره ببطولة كأس العرب المقامة حاليًا في قطر، ليتساوى مع المغرب صاحب صدارة المجموعة الثانية بفارق الأهداف فقط.
ثنائية منبوذة
يعود الفضل في تحقيق الانتصار خلال مباراة الأمس إلى قائد المنتخب وأفضل لاعب في آسيا وهو سالم الدوسري، والذي أكد مجددًا براعته وقدرته على قيادة هذه المجموعة إلى أبعد نقطة ممكنة في البطولة العربية، فقد تمكن من صناعة هدفي "الأخضر" بصورة مذهلة.
"التورنيدو" لم يكن دوره مقتصرًا على الصناعة فحسب، بل كان محور الإيقاع وصمام الأمان في لحظات الضغط، والعنصر الأكثر تأثيرًا في توجيه النسق الهجومي والدفاعي للأخضر
لقد قدّم الدوسري مباراة مكتملة الأدوار؛ تحرّك بين الخطوط بذكاء، ونجح في كسر التنظيم العُماني أكثر من مرة بلمسة محسوبة أو تمريرة تُغيّر اتجاه اللعب.
وتعد هذه هي المرة الأولى في مسيرة الدوسري الدولية التي تشهد نجاحه في صناعة هدفين خلال مباراة واحدة، حيث تسبب في نجاح صالح الشهري وفراس البريكان في تدوين اسمهما بسجلات اللاعبين الذين سجلوا مع "الأخضر" بالبطولة العربية.
وإذا تحدثنا عن الثنائية التي صنعها الدوسري، يمكن وصفها بأنها جاءت بأقدام منبوذة، حيث عانى نجم الهلال من سلسلة انتقادات لا تتوقف من الجماهير والإعلام، ولكنه استطاع أن يرد اعتباره بقيادة "الصقور" إلى أول 3 نقاط.
أجواء مشتعلة
بعيدًا عن الدوسري الذي رد اعتباره، فقد سيطرت حالة من الترقب على الجميع قبل المباراة، شرارة التوتر التي أشعلها نواف العقيدي، حارس المنتخب السعودي، بعدما ردّ بحزم على سؤال أحد الصحفيين العُمانيين، عندما حاول التقليل من المشروع السعودي.
العقيدي قال: "نحن نمتلك المليارات وننفقها كيفما نشاء، والكرة السعودية تطورت كثيرًا، وإذا نظرنا لتاريخ مواجهات منتخبنا ضد عمان، نجد أننا نتفوق بفارق كبير".
هذا الرد لم يمر مرور الكرام، بل فتح مساحة واسعة من الجدل، ودفع عددًا من الخبراء والنجوم إلى إعلان دعمهم للعقيدي ومساندة موقفه.
في المقابل، اشتعلت منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي، بحالة من السجال بين جماهير عُمان والسعودية، حيث تبادل الطرفان التعليقات والآراء الحادة، الأمر الذي أضفى طابعًا خاصًا ومختلفًا على أجواء المباراة قبل انطلاقها.كل هذا جعل اللقاء يبدو أكبر من مجرد مواجهة كروية؛ بل اختبارًا لهيبة مشروع رياضي يتقدم بثبات، وصراع بين جماهير دخلت الملعب بعواطف مشتعلة قبل أن يدخل اللاعبون أنفسهم أرضية الميدان.
رد الاعتبار
جاء الفوز على عُمان ليحمل أكثر من معنى داخل المنتخب السعودي؛ فهو أولًا بمثابة رد اعتبار لما حدث قبل المباراة، وثانيًا هو خطوة ضرورية لحماية اللاعبين والجهاز الفني من موجة الانتقادات السعودية التي سبقت البطولة، بعدما شكّك البعض في جاهزية المنتخب وقدرته على المنافسة.
انتصار الأمس لم يكن مجرد 3 نقاط، بل جاء كرسالة واضحة، تشير إلى أن هذا المنتخب بات قادرًا على فرض شخصيته والرد داخل الملعب، بعيدًا عن الضوضاء الخارجية، فالضغوط التي سبقت البطولةسواء من الجماهير أو المحللين وضعت "الصقور" أمام اختبار نفسي كبير، لكن الخروج منتصرًا أمام عُمان منح الجميع مساحة أكبر من الثقة، وأعاد ترتيب نظرة الشارع الرياضي تجاه مشروع الأخضر في هذه النسخة من البطولة العربية.
وسيُشكّل هذا الانتصار دفعة معنوية مهمة قبل خوض المباراتين المقبلتين أمام جزر القمر والمغرب، إذ يدخل المنتخب السعودي الآن بثقة أعلى وإيقاع فني أكثر استقرارًا.
كذلك، واصل "الأخضر" فرض كلمته العليا على مواجهاته ضد عمان، بتحقيق الفوز رقم 16 من إجمالي 26 مواجهة جمعتهما في مختلف المسابقات.