آخر تحديث :الأربعاء-26 نوفمبر 2025-09:25م
أخبار المحافظات

التراث الزراعي بلحج .. بحث تراثي حول ممارسات الزراعة التقليدية ودور البتول والذاري والضميد في المجتمع الزراعي القديم بلحج

الأربعاء - 26 نوفمبر 2025 - 09:02 م بتوقيت عدن
التراث الزراعي بلحج .. بحث تراثي حول ممارسات الزراعة التقليدية ودور البتول والذاري والضميد في المجتمع الزراعي القديم بلحج
لحج (عدن الغد) ياسر مقبل معرار


*المقدمة*

يعد التراث الزراعي المحلي في محافظة لحج أحد أهم المكونات الثقافية التي شكلت حياة المجتمعات الريفية القديمة فقد ارتبطت دورة الحياة اليومية بالأرض والماء والبقر والجهد البشري المنظم من خلال أعراف وقواعد واضحة تحكم عملية الحراثة والسقي وتوزيع العمل بين المزارعين.

ويأتي هذا البحث لتوثيق مراحل العمل الزراعي التقليدي مع إلقاء الضوء على الأدوار الأساسية لكل من البتول والذاري والضميد إلى جانب عرض نماذج من نظام السقيا القديم وتقاليد التعاون بين الأهالي.


وفي هذا السياق نتقدم بخالص الشكر والتقدير للأستاذ جمال سالم من اهالي منطقة العند بلحج على ما زودنا به من معلومات تاريخية ثمينة ساهمت في إحياء هذا الإرث وتوثيقه للأجيال.


*أولاً: مرحلة الاستعداد والتهيئة قبل الفجر*

كان العمل الزراعي يبدأ في الباكر قبل صلاة الفجر حيث يقوم مالك الضمد برفع في تهيئة الضمد قبل وصول البتول وبعد ذلك يأتي البتول لربط الضمد بالبقر ثم يضع الهيج على رقابها ويثبت عليه الصبط لتبدأ أولى مراحل حراثة الأرض قبل مجيء السيول.


وفي فصل القيظ تتم الحراثة بالبقر وبعدها تبدأ مرحلة حرور الصوم وفق نوعية الأرض سواء كانت “داني” أو بها خراب داخل الدهل.


*ثانياً: نظام السقي قبل موسم السيول*

تعد هذه المرحلة من أدق مراحل الزراعة حيث يقوم المزارعون بحرور لسقي الأرض بشكل منظم حسب الرداعة وبعد أن تستكمل عملية السقي في ساقية معينة كـ ساقية البيضاء يتم نقل الماء إلى الساقية التي تليها وقد تستلزم العملية تنظيف الشعاب من الأشجار.


وعند الانتهاء من السقيا يتم خرط المشعبة وتستمر العملية حتى تروى جميع الأراضي.. وكان المزارع بعد سقي حقه يغلق اللجعة بالتراب حتى لا يعود الماء إليها ويعتبر ذلك سقي ثنو وهو أمر يغرم عليه وفي زمن التعاونيات كانت تصادر الراية الخاصة بالحق المخالف.


*ثالثاً: تنظيف الأرض وتصفية مخلفات السيول*

بعد جفاف الأرض وتوفرها للعمل يبدأ المزارع بتنظيفها من مخلفات الأشجار والرواسب التي تجلبها السيول ثم تحرق تلك المخلفات تمهيداً لدخول مرحلة الخلع.


*رابعاً: مرحلة الخلع*

تعد مرحلة الخلع تهيئة أخيرة للتربة قبل الانتقال إلى مرحلة السلق ويتم خلالها تفكيك التربة وتحسين جاهزيتها للزراعة.


*خامساً: مرحلة السلق بالبقر*

في هذه المرحلة تعاد حراثة الأرض ويكون الكابر في جهة اليمين والردي في جهة اليسار ويستخدم البتول عبارات تقليدية لتحريك الثيران مثل: اقاء – قريب – بأس – استقم.. وكان بعض البتول يستخدمون الموهر لضرب الثور إذا توقف عن العمل وإذا لاحظ مالك البقر آثار الدم عند عودة البقر إلى مرابضه كان يحتج على البتول.


*سادساً: عادات الضيافة بين الرعيان والمزارعين*

كانت وجبة غداء البتول والذاري تعد مع مراعاة وجود الرعيان حيث يزاد لهم من الطعام تقديراً لدورهم

وكان الرعاة يبادلون المزارعين الجميل بصنع شاي من اللبن الخالص بدون ماء يضيفون إليه السكر والشاي ولم يكن هناك راعي يخرج إلى المرعى دون حمل السكر والشاي.


*سابعاً: نظام سقي الزحو*

كان هناك نظام دقيق لسقي الزحو يبدأ بـ جربة التجربة الأولى ثم تنتقل المياه إلى الجربة التي تليها بشكل متسلسل ومنظم مما يجعل السقيا عملية جماعية متعاونة دون نزاعات حيث يكمل كل مزارع عمل من قبله.


*الخاتمة*

إن ما سبق يمثل جزءاً من تراث زراعي عريق عاشته الأجيال السابقة في زايدة واستند إلى التعاون والتنظيم والدقة في العمل ويكشف هذا التراث عن علاقة الإنسان بالأرض والماشية والماء وعن منظومة قيمية واجتماعية وثقافية تستحق التوثيق والحفظ.


ونجدد في الختام شكرنا وتقديرنا للأستاذ جمال سالم على هذه المعلومات التاريخية الثمينة التي ساعدت على إعادة بناء صورة واضحة عن حياة المزارعين وطرائق عملهم في الماضي.