آخر تحديث :الأحد-24 أغسطس 2025-04:41م
أخبار وتقارير

البيض يختفي من عدن... والتجار يتحدّون تسعيرة الحكومة

الأحد - 24 أغسطس 2025 - 09:05 ص بتوقيت عدن
البيض يختفي من عدن... والتجار يتحدّون تسعيرة الحكومة
(عدن الغد)العربي الجديد:

تعيش عدن ومدن يمنية في نطاق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً على وقع أزمة بيض خانقة منذ أيام، بعد انخفاض المعروض منها إلى مستوى الاختفاء من أغلب البقالات ومتاجر الجملة والتجزئة الخاصة بالمواد الغذائية والاستهلاكية. يأتي ذلك إثر قيام الجهات الحكومية المختصة والسلطات المحلية وعديد الأجهزة الأمنية بحملات مكثفة تطاول الأسواق، وإجبار التجار والباعة على تخفيض الأسعار، مع تحسن سعر صرف العملة المحلية بنحو 44% خلال الفترة الماضية، التي شهدت إنشاء لجنة خاصة بتنظيم وتمويل الاستيراد، وسلسلة قرارات صادرة عن البنك المركزي اليمني في عدن لضبط السوق النقدي والمصرفي.

ودفعت الضغوط التي مارستها الجهات التابعة للسلطة المحلية في مدينة عدن، إلى تخفيض سعر البيض من 300 إلى 200 ريال للحبة الواحدة، إذ حددت وزارة الصناعة والتجارة سعر الطبق الواحد من الحجم الكبير -الذي يحتوي على 30 حبة- بنحو 4500 ريال، و3100 ريال للطبق الصغير، فيما تصر الأسواق والتجار على البيع بالتسعيرة السابقة التي يصل فيها سعر الطبق الواحد إلى نحو ستة آلاف ريال. علماً أن سعر صرف الريال شهد تحسناً ملحوظاً، حيث انخفض من 2890 إلى 1635 ريالاً للدولار، ونحو 430 ريالاً مقابل الريال السعودي، في حين هناك سعر صرف آخر مواز في السوق السوداء يصل فيه سعر الدولار إلى ما يقارب 1800 ريال.

لكن بالمقابل، أفاد مواطنون من سكان مدينة عدن "العربي الجديد"، بأن فرض التسعيرة الجديدة أعقبه اختفاء البيض من مختلف البقالات ومتاجر بيع المواد الغذائية بصورة مفاجئة منذ أيام، حيث تكاد موائدهم تخلو بشكل شبه نهائي من البيض بالنظر إلى عدم توفر أي كمية احتياطية منه في المنازل لاستخدامها في مثل هذه الظروف والأزمات الطارئة. يقول المواطن عمار ناجي، من سكان مدينة عدن، لـ"العربي الجديد"، إن شح المعروض من البيض وصل إلى مستوى انعدامه في أغلب البقالات والمتاجر بشكل مفاجئ في غضون أربعة أو خمسة أيام، مشيراً إلى أن البقالات والمتاجر التي كان لا يزال يتوفر لديها كمية من البيض تبيع الحبة بالسعر السابق بنحو 300 ريال.

وتشكل هذه السلعة ركيزة أساسية في موائد الأسر اليمنية التي أصبحت محدودة وشحيحة بسبب الأزمة المعيشية التي تطاول معظم سكان البلاد، حيث تُقدّر آخر بيانات رسمية خاصة بنتائج مسح ميزانية الأسرة - صادرة قبل الحرب عن الجهاز المركزي للإحصاء- إنفاق أكثر من مليوني أسرة في اليمن على البيض بنحو 16 مليار ريال سنوياً، إذ يصل هذا الرقم إلى ثلاثة أضعاف بحسب سعر الصرف السائد حالياً.

كما تمثل أولوية يلجأ إليها اليمنيون من محدودي الدخل في كل الأوقات لتناولها، خاصة في وجبتي الإفطار والعشاء، لسهولة تحضيرها وإعدادها، وكخيار متاح باستمرار في ظل تلاشي كثير من الخيارات الغذائية الأخرى التي باتت بعيدة عن متناولهم، مثل اللحوم والدواجن وبعض أنواع البقوليات أو المأكولات التي توفرها المطاعم والمطابخ المنزلية. المواطن صابر محمد يشير في هذا الخصوص بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن هناك صعوبة في توفير كمية احتياطية من البيض في المنازل بمدينة مثل عدن بسبب ارتفاع درجة الحرارة التي تؤدي إلى إفساده.

ويتحدث ناشطون منذ أيام عن أزمة البيض في مواقع التواصل الاجتماعي، داعين المواطنين إلى ترك البيض كونه ليس سلعة أساسية تستدعي الهلع بسبب اختفائه. وندد الناشط والمتابع للشأن الاقتصادي في عدن عبدالرحمن أنيس بما سماه "جشع كبار التجار"، والذي -حسب وصفه- لن يصمد أمام موقف الناس لو تكاتفوا، مضيفاً: "اليوم يحاولون فرض أسعار خيالية على المستوردين في عدن تتجاهل انخفاض أسعار الصرف، مع أن التسعيرة الرسمية واضحة ومحددة بالتوازي مع التحسن في سعر صرف العملة المحلية".

في السياق، يؤكد المحلل الاقتصادي في عدن ماجد الداعري، لـ"العربي الجديد"، أن أزمة البيض مفتعلة بسبب جشع التجار ورفضهم التقيد بالأسعار المحددة، وبالتالي امتناعهم عن البيع مؤقتاً على أمل الضغط على السلطات لتركهم يعبثون بالأسعار كما كانوا يفعلون.

وتعمل الحكومة في عدن ومحافظات أخرى في نطاق إدارتها على فرض تسعيرة جديدة مخفضة تعكس نسبة التحسن في سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية، في حين يحاول القطاع الخاص مواجهة الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها لقبول التغييرات الجديدة في صرف العملة وأسعار السلع الأساسية والاستهلاكية.

ويقول الداعري إن تجار البيض سيضطرون في النهاية للبيع بالسعر المحدد، لأنه ليس عنصرا غذائيا رئيسيا مهما لغالبية الشعب، وإنما بضاعة سريعة التلف وغير قابلة للتخزين الطويل. الجدير بالذكر أن إنتاج اليمن من البيض يصل إلى نحو 1.380 مليون حبة، بحسب بيانات صادرة عن إدارة الإحصاء الزراعي للعام 2021، والتي قدرت كمية الإنتاج الحيواني بشكل عام بنحو 209 آلاف طن من اللحوم الحمراء، وحوالي 187 ألف طن من اللحوم البيضاء، وما يقارب 369 ألف طن حجم الإنتاج من الألبان ومشتقاتها.