وجّه عضو المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، الفريق سلطان السامعي، انتقادات لاذعة وغير مسبوقة لجماعة الحوثي وسلطات الأمر الواقع في العاصمة، في مقابلة بثتها قناة الساحات، واصفًا المجلس السياسي الأعلى بأنه مجرد "مجلس شكلي" لا يملك أي قرار فعلي، ومؤكدًا أن الجماعة الحاكمة في صنعاء فقدت قدرتها على إدارة الدولة، وعاجزة حتى عن ملاحقة فاسد واحد ينهب المال العام أمام الجميع.
وفي حديثه، اتهم السامعي جماعة الحوثي بشكل واضح بالفشل في بناء دولة حقيقية، وبالسماح لتفشي الفساد في أعلى المستويات، متسائلًا: "من كانوا حفاة أصبحوا اليوم يملكون الشركات والوكالات... من أين لهم هذا؟"، في إشارة إلى قيادات حوثية نافذة اغتنت فجأة على حساب الشعب اليمني، مؤكدًا أن أكثر من 150 مليار دولار تم تهريبها خارج البلاد خلال سنوات الحرب دون رقيب أو مساءلة.
كما حمّل سلطات الحوثيين مسؤولية تدمير البيئة الاقتصادية في صنعاء، موضحًا أن قرارات وزارة المالية والتجارة – الخاضعتين للجماعة – تتسبب بطرد رؤوس الأموال الوطنية من الداخل، وتدفع بالتجار إلى الهروب، مشيرًا إلى أن ذلك يصب في خدمة العدو، سواء بوعي أو من دون وعي.
وأكد السامعي أن صنعاء باتت مخترقة أمنيًا واستخباراتيًا بشكل يفوق ما حدث في إيران أو في صفوف حزب الله، متهمًا الأجهزة الأمنية التابعة للجماعة بعدم القدرة على تأمين العاصمة، محذرًا من كارثة أمنية وشيكة إذا استمرت هذه الحالة من الضعف والتهاون.
ووصف الأوضاع تحت سلطة الحوثيين بأنها وصلت إلى مرحلة من الانهيار المؤسسي، حيث لا قرارات حقيقية تصدر، ولا مساءلة، ولا دولة قائمة، مؤكدًا أن الشعب اليمني لا يحتاج إلى المزيد من الخطابات والشعارات، بل إلى قرارات شجاعة توقف الفاسدين عند حدهم وتعيد للدولة هيبتها المفقودة.
وفي سياق حديثه عن مسار الحرب، اعترف السامعي بصراحة أن الحوثيين لم يحققوا أي نصر خلال عقد كامل من الحرب، قائلاً: "لا نحن استطعنا دخول عدن، ولا هم تمكنوا من دخول صنعاء". وأضاف أن الواقع يؤكد أن لا خيار أمام اليمنيين سوى مصالحة وطنية شاملة تؤسس لدولة يتقاسم فيها الجميع السلطة والثروة من صعدة إلى المهرة.
كما انتقد الحكم الصادر مؤخرًا عن محكمة حوثية بإعدام أحمد علي عبد الله صالح، نجل الرئيس السابق، مؤكدًا أن القرار سياسي وصدر في توقيت خاطئ، وأنه لا يخدم المصالحة بل يعمّق الانقسام ويصب الزيت على النار.
وختم الفريق سلطان السامعي المقابلة برسالة حاسمة قال فيها: "هذه المقابلة بلاغ رسمي لكل من يعنيه الأمر: هناك من يعبث بمصير الوطن. وإذا لم يتم تدارك الأمور بسرعة، فإن القادم سيكون أكثر سوءًا".
تصريحات السامعي، التي وُصفت بأنها الأقوى داخل صنعاء منذ سنوات، تُعد تحوّلًا لافتًا في الخطاب الداخلي، وتؤكد وجود انقسام حاد داخل أجنحة الحوثيين، في ظل تفاقم الفساد وانعدام الحلول، ما يفتح الباب على احتمالات سياسية جديدة قد تتبلور خلال الفترة القادمة.