يواجه الاقتصاد اليمني تحديًا خطيرًا بعد تصعيد حوثي وصفه خبراء بأنه محاولة "انقلاب نقدي"، في ظل تحركات الميليشيا الأخيرة لطباعة عملات غير قانونية، ما يستدعي تحركًا عاجلًا من الحكومة الشرعية لتفعيل أدوات الردع الاقتصادية واستعادة السيطرة النقدية.
وكان فرع البنك المركزي في صنعاء، الخاضع لسيطرة الحوثيين، قد أعلن الأسبوع الماضي عن سك عملة معدنية من فئة 50 ريالًا، أعقبها إصدار ورقة نقدية من فئة 200 ريال، بزعم استبدال العملات التالفة. غير أن الخطوة قوبلت بإدانات دولية ورفض صريح من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، إضافة إلى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانز غروندبرغ، الذي وصفها بأنها "خرق للتفاهمات الاقتصادية" و"إجراء أحادي الجانب".
الخبير الاقتصادي وحيد الفودعي أكد في تصريح لـ"إرم نيوز" أن ما أقدمت عليه ميليشيا الحوثي يمثل تجاوزًا خطيرًا لمسألة استبدال نقدي، ويعكس توجّهًا ممنهجًا لفرض واقع نقدي بديل يهدد النظام المالي برمّته. وأشار إلى أن الخطوة تمثل اعتداء صارخًا على صلاحيات البنك المركزي اليمني في عدن، الجهة الوحيدة المعترف بها دوليًا، محذرًا من أن طباعة كميات نقدية دون رقابة سيؤدي إلى تدمير الاقتصاد.
من جهته، رأى المحلل الاقتصادي ماجد الداعري أن البنك المركزي اليمني لا يزال يمتلك أوراقًا فعالة للردع، أبرزها إعادة تفعيل قرارات تجميد التعامل مع البنوك التي لم تنتقل من صنعاء إلى عدن، وإيقاف نظام "السويفت"، مشيرًا إلى أن الضغوط الدولية السابقة هي التي جمّدت هذه القرارات رغم خطورتها.
وأكد الداعري أن استمرار طباعة العملة من قبل الحوثيين يمثل انقلابًا على اتفاقات وقف التصعيد الاقتصادي التي رعيت أمميًا العام الماضي، داعيًا إلى إجراءات حاسمة تشمل إلغاء العملة القديمة المتداولة في مناطق سيطرة الحوثيين بالكامل، ما سيساهم في عزلهم ماليًا وحرمانهم من الوصول للعملات الأجنبية اللازمة للاستيراد، خصوصًا في ظل استمرار العقوبات الأمريكية.
وفي السياق ذاته، شدد الباحث الاقتصادي وفيق صالح على أن التصعيد الأخير رفع الحرج عن الحكومة الشرعية، وبات لزامًا عليها اتخاذ قرارات جريئة لتمكين البنك المركزي من السيطرة الكاملة على السياسة النقدية في البلاد. وأضاف أن اعتراف المجتمع الدولي بمركزي عدن يمنحه ورقة قوة كبرى تلزم البنوك وشركات الصرافة بالتعامل الحصري معه، ما يعزز من قدرته على ضبط النشاط المصرفي وتحجيم نفوذ الحوثيين اقتصاديًا.
ويجمع الخبراء على أن المعركة لم تعد عسكرية فقط، بل باتت تدور في عمق الاقتصاد الوطني وجيوب اليمنيين، ما يتطلب من الحكومة الشرعية موقفًا واضحًا وسريعًا لتجنب تداعيات وخيمة على استقرار البلاد المالي والاقتصادي.