في مشهد غير مسبوق احتشدت عشرات النساء في ساحة العروض بخور مكسر في التجمع الثاني لما بات يُعرف باسم "ثورة النسوان"، حيث خرجت حرائر المدينة عن صمتهن، حاملات وجع عدن كله، وصارخات في وجه الفساد والخذلان والمعاناة التي طالت أكثر مما ينبغي.
رفعت النساء لافتات عبّرت عن غضب مكتوم منذ سنوات، وهتفن بشعارات طالبت بإنهاء انقطاع الكهرباء والماء، ووضع حد للانهيار الاقتصادي الذي دمّر حياة الآلاف، وأفقد العملة قيمتها، وجعل أبسط مقومات الحياة حلماً بعيد المنال.
الشارع العدني، الذي ضاق بأهله من حرارة الصيف القاتلة، والظلام الدائم، والعطش، والجوع، رأى اليوم نساءه يخرجن في طليعة الغضب، في وقفة غاضبة، سلمية، لكنها مشتعلة بالإصرار، مثقلة بالوجع، ومشحونة بالإرادة. لم يعد هناك مجال للسكوت، ولم يعد الصبر ممكناً. فحين تقود النساء الثورة، فذلك يعني أن الجوع دخل كل بيت، وأن الوجع أصبح أكبر من القدرة على الاحتمال.
التجمع الثاني وجّه رسالة مدوية مفادها: عدن لن تموت بصمت، وأصواتنا لن تُدفن في العتمة.
المحتجات أكدن من خلال شعاراتهن وهتافاتهن أن ما يجري في المدينة لم يعد يُحتمل، وأن تجاهل المطالب سيولّد ثورة شعبية لا تهدأ.
وغدًا، كما أعلنت اللجان المنظمة للإعتصام السلمي، سيكون دور الرجال، حيث من المقرر أن تنطلق وقفة احتجاجية شعبية حاشدة في نفس المكان، لتستكمل صرخة النساء ويشتعل صوت المدينة بأكملها، في مشهدٍ ينذر بانفجار شعبي ما لم يتم تدارك الأوضاع والإنصات لصوت الشارع.
عدن اليوم تقف على حافة الغضب.. ونساءها يكتبن الصفحة الأولى من انتفاضة لن تتوقف حتى يُعاد للناس حقهم في الحياة، والكرامة، والعدالة.