كتب / اديب مبارك
يعتبر مطار بيحان الدولي من المطارات الهامة والتي ساهمت الى حد كبير جدا في ربط مديرية بيحان ببقية مناطق الجنوب ما قبل الاستقلال الوطني وما بعد الاستقلال, حيث تأسس المطار في نهاية الاربعينيات وبالتحديد في العام 1948م في عهد الامارة الهبيلية بمديرية بيحان ابان سلطنات ومشيخات الجنوب العربي والتي تعتبر امارة بيحان احد هذه السلطنات والمشيخات والتي كانت تعرف بالأمارة الهبيلية التي يحكمها شريف بيحان الشريف حسين بن احمد الهبيلي والذي كان يشغل منصب وزير الداخلية في حكومة الجنوب العربي آنذاك .
انشئت بريطانيا مطار بيحان بجانب اللواء البريطاني او ما يطلق علية بالمعسكر والذي كانت تتمركز فيه القوات البريطانية بمديرية بيحان بهدف تقديم الخدمات لضباط المستعمر البريطاني حيث استخدم فعلا المطار كمطار عسكري يتم من خلاله جلب الاسلحة وكل المستلزمات للضباط البريطانيين العاملين بالمعسكر , حيث قامت بريطانيا باستخدام عمالة من ابناء بيحان للعمل في المطار باجر يومي زهيد جدا , كما كانت تسير الرحلات من بيحان الى مدينة عدن لأجلاء جنود الاحتلال البريطاني من معسكر بيحان الى مدينة عدن ومن ثم السفر الى العاصمة البريطانية لندن لقضاء الاجازات ومن ثم العودة مرة اخرى . كما كان مطار بيحان حلقة وصل هامة جدا في عهد الاستعمار البريطاني حيث كان البريطانيين يستخدمون المطار في عهد الكفاح المسلح لجلب جميع انواع الاسلحة والمحققين والمال لأفشال جبهة بيحان والتي كانت تناضل ضد المستعمر البريطاني وايضا يتم ترحيل بعض الثوار من بيحان الى مدينة عدن عبر مطار بيحان بعد اعتقالهم من قبل القوات البريطانية آنذاك.
مطار بيحان ما بعد الاستقلال الوطني للجنوب 1967م
كانت حكومة الاستقلال الوطني تعتبر مطار بيحان الدولي احد المنافذ الجوية الهامة الى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بحجكم موقع بيحان على الحدود مع الجمهورية العربية اليمنية آنذاك فبعد الاستقلال الوطني للجنوب في الثلاثين من نوفمبر من العام 1967م وبعد سقوط امارة بيحان بيد مناضلي الجبهة القومية وخروج شريف بيحان من بيحان اهتمت الجبهة القومية اهتمام كبير بمطار بيحان وتلاها الحزب الاشتراكي اليمني بعهد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حيث اصبح المطار يقدم الخدمات للمواطنين بشكل متواصل .
واصبح المطار مدنيا اكثر من عسكريا التمس المواطن في بيحان خيرات المطار , حيث سهل حركة التنقل لأبناء بيحان من بيحان والى مدينة عدن نتيجة لوعورة الطريق آنذاك وايضا بعد المسافة حيث كان المسافر من بيحان يستغرق عبر البر قرابة اربعة وعشرين ساعة تقريبا من بيحان والى مدينة عدن ذهاب فقط , وكانت الطريق ايضا آنذاك وعرة جدا وبعض المناطق مزروعة بالألغام زرعها بعض عملاء المستعمر البريطاني , كان المطار يقدم دور رائد جدا لأبناء بيحان حيث قامت حكومة الثورة بعهد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بتطوير المطار وكانت طيران اليمدا تقدم رحلتين بالأسبوع من مطار بيحان الدولي والى مدينة عدن ورحلة اسبوعية من بيحان الى عاصمة محافظة شبوة عتق , حيث خفف المطار المعاناة على كاهل المواطن واصبحت المسافة الى مدينة عدن ساعة واحدة فقط بالطيارة بدلا عن اربعة وعشرين ساعة بالبر .
كما خففت حكومة الثورة من سعر تذاكر الطيران من بيحان والى مدينة عدن وكانت اسعار التذاكر حينها اسعار رمزية جدا حيث ان سعر التذكرة حينها يبلغ حوالي ستة دينار فقط أي مائة وعشرين شلن فقط كسعر رسمي في وقت كان معدل دخل عامل الاجر اليومي حينها حوالي سبعة دينار ونصف الدينار أي مائة وخمسين شلن فقط . اما طلاب المدارس والجامعات فكانت اسعار تذاكر الطيران تباع لهم بنصف السعر الرسمي للتذكرة كتشجيع من الدولة لدعم طلاب المدارس والجامعات . كان مطار بيحان الدولي يتم من خلاله ترحيل بعض الحالات المرضية والتي يتم تحويلها من بيحان الى مدينة عدن عبر طيران اليمدا مجانا للحالات الطبيعية اما الحالات الخطيرة فيتم استدعاء مروحية عسكرية لنقل المرضى من مطار بيحان الى مدينة عدن وبطريقة مجانية , حيث خفف المطار كثيرا من معاناة ابناء بيحان في مختلف المجالات .
مطار بيحان ما بعد العام 94م اطلالا يتباكى عليها الفقراء والمعدمين
بعد العام 94م مباشرة تم توقيف رحلات الطيران الى مطار بيحان الدولي وخصوصا طيران اليمدا وهي الشركة الجنوبية التي هي ملك لشعب الجنوب وتم دمجها مع طيران اليمنية , حيث تم تحويل عمال المطار الى مطار عتق عاصمة محافظة شبوة والذي ايضا نال نصيبة من النهب والتهميش وتم تسريح البعض الاخر, كما ترك المطار مفتوحا على مصرعيه وبمساندة من اللواء 101 آنذاك تم فتح المطار للنهب والسلب حيث تم نهب الشبك المحيط بالمطار بعلم جميع الاجهزة الحكومية في بيحان كما كان يتم نهب بعض من الارضية الحديدية للمطار بمساعدة جنود من اللواء 101 حراس النوبات المطلة على المطار وبيعها في صمت مخزي جدا ومطبق من قبل السلطة المحلية في مديرية بيحان .
الطيران المدني انقطع تماما من بيحان بعد العام 94م وتحول المطار الى مطارا عسكريا اسواء مما كان في عهد الاستعمار البريطاني , حيث يتم جلب الاسلحة والمستلزمات العسكرية للألوية المتعاقبة في بيحان عبر مطار بيحان وايضا مرتبات الجنود العسكرين في بيحان والوفود العسكرية التي تزور بيحان مما يعود بالمواطن العادي الى ذاكرة الاستعمار البريطاني واستخدامه لهذا المطار والذي كان المأمول منة بعد العام 90م ان يتم تطويره لا ان يتم تدميره هذا التدمير الممنهج والذي ادى الى ان اصبح اليوم اطلالا يتباكى عليها كثير من المواطنين وخاصة الفقراء والمساكين والمعدمين مثلما يتباكون على كثير من الخدمات التي كانت تقدمها لهم حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الى العام 90 م وحرموا منها نهائيا بعد العام 94م .
جهود لمدير المطار تكللت بالفشل لإعادة عمل المطار مرة اخرى
بذل مديري مطار بيحان آنذاك الاستاذ عبدالقادر حسين الزهما جهود كبيرة جدا وملموسة لإعادة اعمار المطار بداها بالعمل لبنا ء سور اسمنتي على ارضة المطار كاملة خوفا من بسط بعض القبائل على ارضية المطار بعد ما حاول البعض البسط على صالة المطار بحجة ان المطار بني على ارضية تابعة لهم , حيث تم بناء السور الإسمنتي للمطار حينها وقام مدير المطار بالعمل لمتابعة عودة الرحلات للطيران الى المطار ولكنة لم يوفق في ذلك نتيجة لتعمد صنعاء نحو سياستها الممنهجة لتدمير كل ما هو جنوبي ومن مخلفات دولة الجنوب , حتى اصبح المطار اليوم طريقا عاما للسيارات وممرا للأغنام والمواشي دمرت ارضية المطار تدمير كبير جدا وتم السماح للمنازل المحيطة بالمطار ببناء منازلهم بشكل عالي جدا يشكل عائق كبير جدا لهبوط الطيران المدني في حال تم اقرار العمل لإعادة تأهيل المطار مرة اخرى وهذا امر يعتبره ابناء بيحان من المعجزات اليوم .
اما صالة المطار فقد تحولت الى موقع لرمي القمامة للقرى المجاورة للمطار , وبعد انهيار المطار اليوم يقف كثير من ابناء بيحان يتذكرون وضعهم قبل عشرين عام ويتباكون على المطار ويسالون انفسهم هل دخل الجنوبيين الوحدة لتحسين ما لديهم من الخدمات ام لتدمير كل ما هو جميل في حياتهم وزيادة معاناتهم والعودة بهم الى العصور الوسطى .
حضور اعلامي مميز بين المواطنين

كان لـ"عدن الغد" حضور اعلامي مميز لتسليط الضوء حول مطار بيحان والسماع لآراء المواطنين حيث التقت الصحيفة بعدد من المواطنين منهم الوالد محمد احمد على قبول والذي قال :"كنا في العام 90 م وبداية الوحدة اليمنية على امل كبير جدا ان يتم تطوير المطار وتحديثه وانزال سعر التذاكر للسفر من المطار وكنا نتوقع ان يتم تطويره الى مطار يتم تسير رحلات دولية للخارج من المطار مباشرة لا ان يتم تدمير المطار بالطريقة المؤلمة التي تم من خلالها , وكان هناك حقد دفين نحو ابناء بيحان , اليوم جميعنا يعاني من صعوبة السفر عبر البر فالمسافة من بيحان اليوم الى عدن حوالي ثمان ساعات ذهاب ومثلها اياب فتخيل كم الفرق كنا نسافر ساعة واحدة فقط بالطيارة الى عدن , ناهيك عن وعورة الطريق وخطورتها مع الانفلات الامني الذي تشهده البلد ايضا من بعد العام 94م".
وأضاف :"اليوم حتى ولو تم اعادة تشغيل المطار وهو امر سار مستحيل جدا وأشبه بطلوع الشمس من المغرب فلو سار هذا الشي فالمواطن غير قادر على السفر بأسعار الطيران التجارية والتي ستصل التذكرة الى قرابة عشرين الف ريال كان دخل المواطن بالأجر اليومي مائة وخمسين شلن وسعر التذكرة مائة وعشرين شلن يعني ستوفر ثلاثين شلن من اجارك للعمل لليوم واحد , اليوم العامل بالأجر اليومي يتفادى الفين ريال يمني فقط وسعر التذكرة قد يصل الى عشرين الف ريال يمني بما معناه ان المواطن اذا اراد السفر فعلية ان يوفر العشرين الف ريال يمني دخل عملة اليومي لعشرة ايام كاملة ,فهنا يوجد الفرق ويتضح ما خسره ابناء بيحان وابناء الجنوب ولكن للأمور الاضطرارية فالمواطن سيضطر للسفر واختصار عامل الزمن والتعب للوصول الى أي منطقة".

المواطن المهاجر عبدالعزيز على محمد ربيع قال :"لقد كنا ونحن طلاب في المرحلة الاعدادية نسافر بطيران اليمدا وكانت اليمدا تقوم بخصم لنا خمسين في المئة من سعر التذكرة للمواطن العادي كتشجيع للتعليم , فاجعة كبيرة جدا تدمير مطار بيحان الدولي وبأيادي من ابناء المنطقة وكان المطار يشكل خطر على بعض المتنفذين اللذين اتو الى بيحان من الشمال بعد العام 94م , المطار ملكية عامة وكان من المفروض ان تقوم ما سميت بحكومة او نظام الوحدة او سميها مثلما شئت تقوم بالحفاظ على المطار وتطويره وليس تدميره ونهبة", مضيفاً "اليوم من يقف يرى مطار بيحان الدولي يتباكى على اطلال المطار الذي تحول الى خرابة بأيدي بشرية , ولكننا نفهم ونعرف جيدا الامور الخلفية لهذه الاعمال فاذا كان مطار عدن الدولي تم العمل لتدميره لتبقى صنعاء ممرا ومعبرا للجنوبين فمطار بيحان لا يساوي شيء امام مطار عدن الدولي ثاني افضل مطار بالشرق الاوسط , ولكن اليوم يظل مطار بيحان صفة ولعنة لكل من ساهم في تخريبه وتدميره وخصوصا من ابناء بيحان ’ نتألم كثيرا عندما نسافر عبر مطارات خارجية مثل مطار جدة ومطار دبي ونرى مدى اهتمام الدولة بهذه المطارات ونرى مدى حجم التدمير للمطارات في الجنوب بشكل عام فهذا يؤكد ان هذه الاعمال ممنهجة وتنبع من حقد دفين".

اما المواطن سالم محمد حدير قال :"لا يمكن لأي بشر ان يصدق الحالة التي وصل لها مطار بيحان الدولي , كان المطار يقدم الخدمات للمواطنين وكان يساهم ايضا في خدمة البريد من خلال نقل الرسائل والطرود عبر البريد وارسالها عبر الطيران , كما كان المطار يقوم بدور كبير جدا في اسعاف المرضى الى مستشفيات مدينة عدن بعد تحويلهم لتلقي العلاج وايضا كان المطار يقوم بتسهيل تنقل طلاب الجامعات من ابناء بيحان للوصول الى جامعة عدن لتلقي التعليم ,لقد كانت هناك دولة تقوم بتقديم خدمة الطيران بأسعار رمزية فقط للمواطن لا تعادل قيمة محروقات الطيارة اليوم المواطن يتنقل بصعوبة من بيحان الى بقية المناطق وخصوصا مع اكتظاظ الخطوط العامة بالنقاط القبلية والمسلحين لأبسط الامور".







الصور للمطار في الخمسينات والستينات

