آخر تحديث :الجمعة-19 ديسمبر 2025-03:08م

عندما تغتال المروءة.. وتمرغ الاعراف في التراب

الخميس - 18 ديسمبر 2025 - الساعة 07:40 ص
منصور بلعيدي

بقلم: منصور بلعيدي
- ارشيف الكاتب


في أرضٍ طالما تغنّت بأعراف القبيلة ومروءة الرجال، سقطت راية الشرف على يد من خانوا العهد، حين امتدت يد الغدر لتغتال شابًا أعزل، سلّم نفسه طوعًا، ظنًا أن في التسليم نجاة، فإذا به يُساق كالشاة، يُهان ويُذبح، وتُوثّق لحظاته الأخيرة بعدسة لا تعرف للرحمة طريقًا.


إن ما فعلته قبيلة آل لسود في شبوة ليس مجرد تجاوز لأعراف القبائل، بل هو خرق فاضح لكل ما تمثله القيم البدوية من حرمة قتل المستسلم ،

وصون لدم من وضع نفسه في كفّك أمانة.

لقد ارتُكبوا "العيب الأسود" بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ودم باحاج اليوم ليس في رقبة قاتله فحسب، بل في رقاب كل من صمت، أو برر، أو تواطأ، أو تخلّى ولزم قبائل شبوة مجتمعة كيل بارد على ال باحاج حامي على ال لسود.


لكن الجرح الأعمق لا يكمن فقط في مشهد القتل، بل في قرار الأب الذي سلّم ابنه بيديه، ظنًا أنه يطفئ نار الفتنة، فإذا به يشعلها في قلبه أولًا. سيأتي عليه يوم، يجلس فيه وحيدًا، يطارد وجه ابنه في ذاكرته، يسمع صوته، يتذكر رجاءه، وثقته، ودموعه. حينها، لن تُجدي التبريرات، ولن تُطفئ الدموع نار الندم.


القبيلة التي لا تنتصر لمظلومها، ولا تقتص لدمه، تفقد مبرر وجودها. وإن لم يكن لدم باحاج صدى في ضمائر رجال شبوة، فليشهد التاريخ أن الصمت كان شريكًا في الجريمة.


لقد مات باحاج، لكن دمه لم يجف بعد، وصورته لم تغب عن الأذهان. فهل ستبقى القبائل على الحياد، أم أن في صدور الرجال ما يكفي من نخوة لرد الاعتبار، ورفع العار؟


*سيظل دم باحاج.. وصمة في جبين القبيلة.*