نعم.. الاحتجاج بين التعبير الشعبي والاستغلال السياسي: قراءة في دعوة "انتفاضة أبين".
تُعد التحركات الاحتجاجية والمطلبية، سواء دعت إليها الأحزاب أو المكونات السياسية أو الاجتماعية أو حتى المواطنون، وسيلة مشروعة للتعبير عن رفضهم لقضية تمس حياتهم أو واقعهم. لكن هذه التحركات لا تكتسب مشروعيتها إلا إذا كانت نابعة من الواقع، وتعكس هموم الناس الحقيقية، لا أن تكون مدفوعة بأهواء سياسية أو ممولة لأغراض حزبية ضيقة.
في هذا السياق، ظهرت دعوة تحت عنوان: _"أبين تستعد وتتهيأ للانتفاضة الشعبية ضد مليشيات الإخوان المسلمين"..والتي كان من المقرر اقامتها الجمعة الماضية في مديرية زنجبار، عاصمة محافظة أبين.
ويصف منظمو هذه الدعوة بأنها "نقطة تحول"، تهدف إلى إيصال رسالة احتجاجية صريحة إلى المجتمع الدولي، ومجلس القيادة الرئاسي، والحكومة، تعبر عن رفض شعبي لما وصفوه بـ"مليشيات تستغل الدين لتنفيذ أجندات خاصة، وتخادمها مع مليشيات الحوثي".
وتشير الدعوة إلى أن هذه الانتفاضة تهدف إلى وقف نشاط هذه الجماعات في مدن ومحافظات الجنوب، وإنهاء ما وصفته بـ"نزيف الدم الذي يطال المدنيين والعسكريين نتيجة النهج التكفيري وصناعة الإرهاب".
وبعيدا عن اتفاقنا أو اختلافنا مع الإصلاح
لكن عند التوقف أمام هذه الدعوة وقراءتها، تبرز عدة إشكاليات. - أولًا، الاتهام موجه إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهي غير موجودة ككيان حزبي مرخص في اليمن. . -ثانيًا، يظهر في رأس الدعوة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي علمان: أحدهما للإخوان المسلمين، والآخر لحزب الإصلاح، دون أن يُذكر الأخير صراحة في نص الدعوة - ثالثًا، حزب الإصلاح يُعد جزءًا من تركيبة السلطة في البلاد، وله حضور سياسي واضح، ما يجعل الإشارة إليه بشكل غير مباشر مثارًا للجدل.
رابعاً: حزب الاصلاح نفى علاقته بالاخوان المسلمين قبل سنوات ومن عاصمة السعودية الرياض فتعاملت معه الرياض كجزء من التركيبة السياسية اليمنية ومازالت. ،فلماذا يدرج شعاره هنا؟!
وهل ادراج شعاره بتوجيه خارجي.!!
وهنا تطرح التساؤلات: هل المقصود فعليًا هو حزب الإصلاح؟
وإذا كانت هناك جماعات مسلحة تمارس العنف، فهل الحل يكمن في التحريض الشعبي أم في تطبيق القانون؟
وهل من المقبول استغلال حاجة الناس المادية لدفعهم نحو تحركات سياسية لا تعبر عنهم بصدق؟
نحن أمام إشكالية تتعلق بأخلاقيات العمل السياسي، حيث يُراد من خلال هذه الدعوات توظيف الناس في معارك سياسية، تحت شعارات دينية أو وطنية، دون وضوح في الأهداف أو شفافية في النوايا..وللحديث بقية ان كان للعمر بقية.. وبس..