آخر تحديث :السبت-08 نوفمبر 2025-07:46م

الإرهاب المنظم والقضاء المظلم

الجمعة - 24 أكتوبر 2025 - الساعة 09:19 ص
صخر الخطيب

بقلم: صخر الخطيب
- ارشيف الكاتب


تشهد اليمن في السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، حيث يندرج تحت هذا السقف أبعاد عدة، من بينها عمليات الاغتيال، العنف الممنهج، وعمليات التصفية التي تعود لأسباب سياسية أو اقتصادية. وفي هذا السياق، تتصدر حادثة المحامي عبدالرحمن النجاشي في مدينة التربة عناوين الأحداث الساخنة، حيث تمثل عملية اغتياله نموذجًا صارخًا للانفلات الامني المنظم وسوء استخدام السلطة القضائية.


المحامي عبد الرحمن النجاشي هو رمز من الرموز التي تجسد البعد المظلم للانتهاكات التي يتعرض لها الأفراد في ظل أنظمة حكم فاسدة. لم تمر سوى أربعة أشهر على تخرجه من كليّة الحقوق، وفوجئ بأنه سيترافع لأوّل مرة في قضية لا تتعلق بمبادئ العدالة أو حقوق الإنسان، بل في قضية تنقضها الحريات وتخالف كل القيم الإنسانية. فقد كان موضوع هذه القضية هو صدور حكم بقتله دون تهمة أو محاكمة، وذلك من قبل قاضي محكمة بالتربة، والذي استغل سلطته لمنح أوامر لرجال الأمن بإحضاره حيا أو ميتا.


تدور أحداث هذه المأساة في مدينة تعز، حيث يتجلى الانفلات الامني المنظم من قبل رجال الامن والسلطة وبعض من ينتمون للجيش ، وتحت حماية منظومة من الفاسدين والقتلة، الذين يسعون لبسط نفوذهم وسيطرتهم دون أي اعتبار لحقوق المواطنين.


إن واقعة قتل عبد الرحمن النجاشي تعكس كيف يمكن أن تتحول العدالة من أداة لحماية الحقوق الفردية إلى آلة للقمع الممنهج ضد المواطنين في محافظة تعز، فقد أُخرج من منزله ليتعرض للضرب والتعذيب أمام اسرته ولم يكتفِ الجناة بذلك بل قاموا بقتله وتركوّه ينزف حتى الموت أمام عتبة بيته، مما يعكس همجية وعنف النظام القائم .


الأمر لا يتوقف عند حدود الخسارة الفادحة لفقدان مواطن هذه القضية تعكس وضعا أعمق من البؤس والرعب الذي يعيشه المواطنون، إذ تنذر هذه الأحداث بأن حرية التعبير والدفاع عن الحق قد أصبحتا هدفين غير متاحين تحت سلطان الفساد ، إن قتل عبد الرحمن النجاشي هو بمثابة جرس إنذار لكل المهتمين بحقوق الإنسان، وكذاك يسلط الضوء على ضرورة وقوف المجتمع اليمني ومنظمات حقوق الانسان في وجه الأنظمة التي تنتهك الحقوق الأساسية للمواطن وتعمل على ازهاق روحه.


الواقع في تعز هو تصوير واضح لجوانب من الفوضى والخلل الذي يعاني منه المجتمع، وتتحكم مافيات الفساد والقتلة باسم الحكومة، مما يجعل المجتمع يعيش في حالة من الذعر والخوف، حيث لا يستطيع الفرد أن يشعر بالأمان في بيته، وبدلاً من أن تكون الدولة حامية للحقوق، أصبحت الدولة مصدر تهديد.


تكمن الحلول في توحيد الجهود للدفاع عن حقوق الإنسان، وتشكيل ضغط من المواطنين ومنظمات الدولية والمحلية ووسائل الاعلام ومراقبة فعلية لما يحدث في محافظة تعز وينبغي أن تكون هناك محاسبة للقتلة والفاسدين، وكذلك تفعيل دور منظمات المجتمع المدني للمساعدة في نشر الوعي وتحسين الوضع الحقوقي. الأمل يكمن في إقامة مجتمع تحترم فيه الكرامة الإنسانية وتُحترم فيه قوانين العدالة.