آخر تحديث :الإثنين-03 نوفمبر 2025-11:57م

في رثاء أم البنين .. حين يغيب النور ويبقى الأثر .

الجمعة - 17 أكتوبر 2025 - الساعة 11:21 ص
منصور بلعيدي

بقلم: منصور بلعيدي
- ارشيف الكاتب


ما زال صوتكِ يهمس في أذني، كأنكِ لم ترحلي… كأنكِ ما زلتِ هناك، في الزاوية التي اعتدتِ أن تملئيها دفئًا وحباً ومودةً ، في تفاصيل البيت، في ضحكات الأولاد، وفي تجليات الفرح في كل نبضةٍ من نبضات قلبي.


صدى ضحكتكِ يحفر في عمق الذكرى، كأنكِ لم تغادري بعد.


تلك الأيام التي كنتِ فيها بصري وبصيرتي، وعينايَّ ترى من خلالكِ، قد تبددت كأنها خيوطٌ من ضبابٍ بعيد.


لا أصدق أنكِ صرتِ ذكرى، حروفاً تذوب في الهواء، وأثراً لا يُرى إلا في القلب.

كنتِ مرآتي التي أرى بها الحياة، كنتِ الضوء الذي يبدد عتمتي، واليد التي تمسح وجعي دون أن تنطق.


أنتِ من كانت تضيء لي الطريق في كل منعطفٍ.

علمتِني أن الحب لا يُقال، بل يُعاش، وأن المودة لا تُطلب، بل تُمنح. كنتِ لي وطنًا، وملاذًا، ونبضًا لا يخفت.


رحلتِ، نعم، لكنكِ لم تغادري وجدان روحي … فما زالت الذكرى تحفر حضوركِ في أعماقي، وما زالت روحكِ تضيء لي الطريق، كما كنتِ تفعلين دائمًا.

علمتني كيف أحب الحياة رغم قسوتها، وكيف أبتسم في وجه الألم. كنتِ كل شيءٍ لي، في حبكِ كنتُ أجد ذاتي، وفي غيابكِ أشعر أنني قد فقدت جزءًا من روحي.

في غيابكِ، صار كل شيء باهتًا… حتى الألوان التي كنتِ تحبينها، والأهازيج الشعبية التي كنتِ ترددينها، حتى ضحكاتنا التي كانت تزينها ابتسامتكِ لم يعد لها معنى في حياتي بعد رحيلك.


أشعر أنني فقدت جزءًا من روحي، أنني أعيش بنصف قلب، والنصف الآخر معكِ هناك… حيث الرحمة، حيث السلام، حيث لا وجع ولا فراق.


لكن رغم الألم الذي يعتصر صدري، ورغم الفراغ الذي يخيم على حياتي من بعدكِ، فإنني أؤمن بأنكِ الآن في مكانٍ أفضل.

قد رحلتِ عن هذه الدنيا، لكنكِ ذهبتي الى رب رحيم ودود .


رحيلكِ لم يكن نهاية، بل بداية لحضورٍ مختلف… حضورٍ لا يُرى، لكنه يُحس.

يعلم الله كم كنتِ عظيمة، وكم كنتِ نادرة.

ليتك تعلمين بحالي بعد رحيلكِ..لقد سقطت في هاوية سحيقة من الحزن والألم بعد فراقك.


أؤمن أن دعواتكِ ما زالت تحرسنا، وأن حبكِ ما زال يربطنا، وأنكِ ستبقين فينا… ما حيينا.


ستبقين في دعائنا، في أحاديثنا، في حنيننا، في اشواقنا وفي كل لحظةٍ نحتاج فيها إلى دفء قلبكِ.

نامِي بسلام، يا من كنتِ السلام كله ، فسلام عليك يوم ولدتي ويوم متي ويوم تبعثين حيةً يوم القيامة.