قبل سنة تقريبا سقطت دولة الأسد في سوريا بعد قرابة نصف قرن من الحكم استطاع فيه الأسد الأب وابنه ترويض الشعب السوري متعدد الثقافات والأديان والأعراق في ظاهرة انتجت أول جمهورية وراثية في تاريخ المنطقة إلا أن المتغيرات الإقليمية والدولية عجلت بزوال نظام الأسد وسيطرت جماعة النصرة المقربة من تيار الإخوان المسلمين على السلطة في سوريا ،ورغم الترحيب الإقليمي والدولي بسقوط نظام الأسد وتدفق المساعدات وإسقاط العقوبات لم يتمكن النظام الجديد من نسج علاقة قوية تربطه بجموع الشعب السوري فلازالت هناك العديد من المناطق الخارجة عن سيطرته لعل أبرزها مناطق تواجد الأكراد والعلويين والدروز المناوئين للنظام الجديد وهو ماعجل باجراء إنتخابات نيابية يتمكن فيها النظام الجديد من بسط سيطرته واصباغ الشرعية على قراراته وهو ما يطرح علامات استفهام حول ازدواجية التنظيم الدولي للإخوان في رؤيته للشرعية ففي اليمن لايرغب الإخوان في إسقاط شرعية مجلس النواب منتهي الصلاحية خوفاً من ضياع شرعيته في الاشتراك في إدارة الدولة ساعده في ذلك صمت المكونات السياسية الأخرى ودعم الإقليم لبقاء الجماعة شريك في صنع القرار وإيجاد مناطق نفوذ تمكنه من لعب دور الشريك في السلطة !
إن بناء مؤسسات الدولة الشرعية لا يقوم على الاعتراف الدولي بسلطة مكونات سياسية لا تتمتع بالقوة الفاعلة على الأرض وانما تكون الشرعية بما تتمتع به الدولة من قوة وسلطة وإرادة شعبية تمكنها من بناء مؤسسات الدولة والخضوع لقرارتها وتنفيذ أوامرها ،اما أن نجد شرعية لا يستطيع فيها رئيس الوزراء إلزام مدير عام بتوريد إيراداتها الا بالعودة لدول التحالف فمع احترامي هذه ليست شرعية ولا يمكن لها أن تؤدي دورها ! كما أن قيام أحد أعضاء المجلس الرئاسي بأصدار قرارات لاتدخل ضمن صلاحياته يفقد الشرعية هيبتها وتماسكها.
إن الحال المزري الذي وصلت إليه المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية في اليمن يحتم على الجميع العمل بروح الفريق الواحد وبناء دولة مؤسسات شرعية قادرة على حماية المواطن وتلبية احتياجاته بعيداً عن التسول وطلب الدعم من دول الجوار وإيجاد صيغة تمنح فيها الشرعية حقها في الوجود ، بغير ذلك فأن البلد سوف تدار بالشللية والارتجال في إصدار القرارات وهو ما يهدد تماسك اي دولة ولا يعطيها الحق في البقاء.