لم تكن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 مجرد انقلاب عسكري، بل كانت ميلادًا للجمهورية ونهايةً لحكم الإمامة الكهنوتي. لقد رسمت أهدافها الستة الخالدة خارطة طريق لبناء الدولة الحديثة، من التحرر من الاستبداد وإقامة الحكم الجمهوري العادل، إلى بناء جيش وطني ورفع مستوى الشعب وتعزيز الوحدة واحترام المواثيق الدولية.
وبعد عقود من إسقاط الإمامة، عاد التاريخ ليكرر نفسه مع الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر 2014، الذي مثّل محاولة واضحة لإحياء النظام البائد بوسائل عصرية من طائرات مسيّرة وصواريخ باليستية، لكنه في جوهره مشروع سلالي متطرف يستهدف اليمن والمنطقة. وفي مواجهة هذا المشروع، لم يكن السلاح وحده هو الأداة، بل كان للشعر دور أصيل في إذكاء روح الثورة؛ فمحمد محمود الزبيري، "أبو الأحرار"، جعل من قصائده سلاحًا لا يقهر ضد الطغيان، مؤكدًا أن الكرامة لا تُسجن، واستمرت الكلمة الحرة بعده لتصبح لسان حال المقاومة المعاصرة في مواجهة الحرب والانقلاب.
وقد جسّد الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الامتداد الطبيعي لروح سبتمبر، فدفعوا أثمانًا باهظة دفاعًا عن الجمهورية، بينما شكّلت القبائل اليمنية سندًا ودرعًا موازيًا للدولة في مواجهة جرائم المليشيات الحوثية. ولم يكن هذا النضال معركة منفردة، إذ أسهمت المملكة العربية السعودية ودول التحالف العربي في دعم الجيش وإفشال مشاريع الحوثي، فضلًا عن تقديم مساعدات اقتصادية وإنسانية حالت دون انهيار الدولة. وهكذا ظل سبتمبر حاضرًا بروحه ومبادئه، مؤكدًا أن مصير اليمن والخليج واحد، وأن النصر في هذه المعركة هدف استراتيجي لا يلين.