أربعة أشهر والراتب غائب، والجوع حاضر كظل ثقيل لا يزول، والديون تتراكم كأحجار على صدره، والكرامة تُسحق مع كل يوم جديد.
موظف الدولة اليوم ليس إلا صورة لرجل مكسور .. يحسب الأيام كما يحسب الغريق أنفاسه، يعود إلى بيته خالي اليدين كمن يعود من معركة بلا سلاح ولا نصر.
يسهر الليل يتقلب على فراشه، يطارده شبح الإيجار ككابوس ثقيل، ويلاحقه الدائن كظل لا يرحل، وتوجعه فكرة أن صغاره يدخلون المدرسة بكرامة مجروحة ودفاتر ناقصة.
أربعة أشهر .. والموظفون جميعا بلا رواتب.
أربعة أشهر والوطن يتآكل من الداخل كجسد ينهشه المرض، بينما السياسيون يتشاجرون على الكراسي كالذئاب حول فريسة، ويلبسون خلافاتهم ثوب الوطنية .. وكأن الموظف وأسرته مجرد رقم منسي في دفتر مهمل.
أي قسوة أعظم من أن يُترك عشرات الآلاف من الآباء والأمهات يواجهون الجوع وحدهم؟
أي خيانة أبشع من أن تتوقف رواتب الناس وتحرم أسر كاملة من حقها في الحياة؟
يا من بيدكم القرار:
إن دموع الأطفال في عيون آبائهم خناجر تمزق القلوب.
حسين الصغير