آخر تحديث :الجمعة-19 سبتمبر 2025-12:26ص

اغتيال إفتهان المشهري : مرآة لخلل مؤسسي ومخاطر أمنية تهدد مدينة تعز

الخميس - 18 سبتمبر 2025 - الساعة 11:35 م
عبدالواسع الفاتكي

بقلم: عبدالواسع الفاتكي
- ارشيف الكاتب



أحدثت جريمة اغتيال مدير عام صندوق النظافة والتحسين في تعز ، إفتهان المشهري ، صدمة واسعة داخل المحافظة وخارجها ، وحظيت بتفاعل غير مسبوق على المستويين الرسمي والشعبي ، حيث سارعت قيادات في الدولة إلى متابعة القضية والتعليق عليها ، في مشهد اعتبره كثيرون استثناء عن بقية جرائم القتل التي تمس المواطنين العاديين .


ردود الفعل الرسمية السريعة على الجريمة أثارت مقارنات مع قضايا أخرى مثل قضية مقتل الطفل مرسال ، التي لم تحظَ على المستوى الرسمي بالزخم ذاته أو بالتحرك العاجل نفسه ، ما ولّد شعورا لدى الشارع بأن هناك تفاوتا في التعامل مع القضايا تبعا للاهتمام الرسمي ، واهتمام الرأي العام بها .


أخبار أولية أشارت إلى فرار المتهمين بجريمة قتل إفتهان المشهري إلى مناطق تماس مع المليشيات الحوثية ، وهذا يكشف عن ثغرات عميقة في السيطرة الأمنية والعسكرية ، وعن وجود ملاذات آمنة تسمح للمجرمين بالإفلات من العدالة ، قيام بعض المرابطين في خطوط التماس العسكرية مع مليشيات الحوثيين في بعض الجبهات ، بتوفير أماكن إيواء للمتهمين ، أو يساعدونهم في توفير منافذ آمنة لهروبهم خارج مدينة تعز ، يثير تساؤلات حول الولاءات والانتماءات داخل تلكم المواقع ، فالتقاعس عن ملاحقة القتلة لا يهدد العدالة فحسب ، بل يفتح ثغرات خطيرة قد يستغلها الحوثيون لاختراق دفاعات تعز .


جريمة اغتيال إفتهان المشهري أعادت إلى الواجهة الانتقادات المتكررة لطبيعة التعامل الأمني في المدينة ، الذي يعتمد على الحملات العرضية كرد فعل على أحداث دامية ، ثم ما تلبث أن تتوقف دون خطة استراتيجية مستدامة تعالج الجذور وتمنع التكرار ، إن الخطر لم يعد يقتصر على إفلات قتلة من العقاب ، بل يتجاوز ذلك إلى احتمالية خيانة بعض القادة أو الأفراد المتمركزين على خطوط التماس ، الأمر الذي قد يسهّل اختراقات حوثية تهدد وجود المدينة برمّتها ، فإن من يخون دماء الأبرياء قد لا يتردد في خيانة المدينة نفسها.


ان مواجهة التحديات الأمنية في تعز تتطلب إجراءات عاجلة أبرزها : التعجيل في إجراءات التقاضي للمتهمين بالقضايا الجسيمة كقضايا القتل والإسراع بتنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم ، وتعزيز أدوات الشرطة القضائية والأدلة الجنائية وحماية الشهود ، وحظر التجوال بالسلاح وتسيير دوريات مستمرة وانتشار أمنى متواصل لتنفيذ الحظر ، والتعاون المعلوماتي والاستخباراتي بين كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية ، وتشكيل قوة خاصة لملاحقة الهاربين بإشراف قيادة مركزية ، وإعادة تقييم القيادات العسكرية في المواقع المتاخمة لمواقع المليشيات الحوثية. والانتقال من معالجة رد الفعل إلى استراتيجية أمنية شاملة.


اغتيال إفتهان المشهري لم يكن مجرد جريمة فردية ، بل مرآة عكست اختلالات مؤسسية في بنية السلطة المحلية ، كما أن الاستجابة الرسمية المكثفة لهذه القضية ، تمثل فرصة لاختبار مدى جدية الدولة في إعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة ، لكن النجاح مرهون بقدرة السلطة على تحويل هذه الاستجابة إلى برنامج أمني يحمي جميع أبناء المدينة على قدم المساواة .


عبدالواسع الفاتكي



-