آخر تحديث :الإثنين-03 نوفمبر 2025-11:57م

فتاة الاعاشة وجيش العاطلين في القاهرة

الإثنين - 01 سبتمبر 2025 - الساعة 11:46 ص
محمد الخامري

بقلم: محمد الخامري
- ارشيف الكاتب


محمد الخامري

منذ سنوات وأنا أحاول أن أفهم سر "الناشطة" اللي عرفتها في القاهرة عام 2017 تقريباً..

كانت فتاة رائعة ومخلقة جدا، لاتملك وظيفة واضحة، ولانشاط علني على الفيسبوك سوى صفحة شبه خاملة، ومع ذلك؛ حياتها كانت مترفة كطبقة مخملية..

📌 شقة ضخمة (دور كامل) في حي راقي من أحياء القاهرة، تعيش فيها مع أمها واثنين من اخوانها فقط..

لاتركب المواصلات العامة، الميكروباص والمترو والتاكسي العادي.. معها سيارة خاصة بها (أعتقد أوبر) وسائق شبه ملازم لها..!!

كنت ألاحظ وجودها شبه الدائم في المطاعم الفخمة، ومواعيدها او جلساتها وضيوفها في اضخم الكافيهات التي تزيد قيمة العصير او القهوة والشيشة فيها عن مصاريف اسبوع كامل لأسرة متعففة..!!

📌 لم أفهم ماعملها ولامصدر دخلها، كل ماأعرفه أنها "ناشطة".. ناشطة من الصباح الباكر حتى ساعات متأخرة من الليل وهي تجوب شوارع ومطاعم وفعاليات القاهرة، ماتفوتها فعالية، ولا لقاء او اجتماع او مناسبة إلا وتجدها..

📌 كانت هناك اشاعة قوية منتشرة في القاهرة، لكني وللأمانة لست متاكد من صحتها، ولا استبعدها أيضاً، يقولون انها تحمل جواز دبلوماسي وتسافر به للرياض ودبي وغيرهما، كانت هي وغيرها الكثير من الشباب والشابات الذين اصبحوا ميسورين فجأة رغم اني أعرف حياتهم البائسة قبل القاهرة وقبل الحرب، كانت حياتهم وتصرفاتهم وصرفياتهم تشكل عندي لغز غير مفهوم، لكني كنت اتحاشى السؤال عن ذلك فلكل انسان خصوصياته، ولديّ قاعدة أعمل بها دائما ان كل انسان حر مالم يضر..

📌 بالامس وصلتني رسالة صغيرة من فاعل خير، فيها ثلاثة أسماء مقترحة لإضافتهم إلى كشوفات الإعاشة مؤرخة في 10 يناير 2017 وبين تلك الأسماء، وجدت اسم هذه الناشطة يتوسط القائمة..!!

📌 وأخيرا عرفتُ الحكاية.. ليست ناشطة حقوقية ولاسياسية، بل ناشطة إعاشة، أي انها تعدت حريتها وأصبحت تضر ولذلك كتبت قصتها دون الإشارة إلى اسمها نظراً لأنها ليست لوحدها، بل هناك مئات وربما آلاف العاطلين مثلها في القاهرة يتسلمون تلك #الإعاشة.. حياتهم المترفة ليست سر غامض ولا رزق مبارك، بل فتات من موائد الإعاشة التي تسرق قوت اليمنيين في الداخل.

📌 هكذا تدار الشرعية الرخوة.. عاطل او عاطلة في الكافيهات تتقاضى مايسد رمق خمسين معلم يكدح منذ الصباح وحتى المساء، يعطي عصارة عمره ليصرف على أسرته، لكنه يموت قهر وكمد من تأخر وانقطاع الفتات الذي يتصدقون به عليه وعلى أسرته، وهم يرسلونها للعاطلين والعاطلات في الخارج..!