بقلم / أحمد أمين المقطري
تعد مصلحة الضرائب واحدة من أهم المرافق الإيرادية في الدولة، فهي الرافد الأساسي للموازنة العامة، ومصدر رئيسي لتمويل مختلف القطاعات الخدمية والتنموية. ومنذ نشأتها أُنيط بها جمع الضرائب المستحقة على الأفراد والشركات، وتحصيل الموارد غير النفطية باعتبارها شريانًا اقتصاديًا لا غنى عنه لبقاء الدولة واستمرار خدماتها للمواطنين.
وتتوزع مهام مصلحة الضرائب على عدة جوانب جوهرية من أبرزها: تقدير وجمع الضرائب، مكافحة التهرب الضريبي، تقديم التسهيلات للمكلفين، إعداد الدراسات والإحصاءات، وكذلك الإشراف على مكاتب الضرائب في المحافظات وغيرها من المهام. ومن خلال هذه المهام حققت المصلحة خلال الأعوام الماضية إيرادات ضخمة أسهمت بشكل ملموس في تغطية العجز المالي ودعم استمرارية الدولة في تسيير أعمالها.
غير أن الصورة ليست وردية كما تبدو، فالموظف الضريبي يعيش واقعًا مؤلمًا مليئًا بالمعاناة والتجاهل. فرغم أنه يتحمل عبء العمل الميداني ومشقة المتابعة والضغط النفسي في مواجهة المكلفين والتهرب الضريبي، إلا أنه لا يزال محرومًا من الحد الأدنى من حقوقه المشروعة، والمتمثلة في الرواتب التي تُصرف متأخرة لأشهر متتالية، والتأمين الصحي المتوقف منذ أشهر، والحوافز والمكافآت المتدنية التي لا تتناسب مع حجم الجهود المبذولة، فضلًا عن غياب العدالة الإدارية في توزيع المستحقات وغيرها من الحقوق.
إن إهمال حقوق الموظفين ينعكس بشكل مباشر على الأداء والإنتاجية، ويؤدي إلى ضعف التحصيل وانتشار الفساد الصغير الناتج عن الإحباط وضيق الحال، ويجعل المصلحة عاجزة عن أداء دورها الحيوي بكفاءة. فالاقتصاد لا يمكن أن ينهض بموظف مسحوق، ولا يمكن أن تستمر الإيرادات بالارتفاع مع موظفين يعملون في ظروف قاسية بلا رواتب منتظمة ولا رعاية صحية ولا تقدير معنوي.
إننا نرفع هذه المناشدة إلى القيادة العليا، مطالبين بالتدخل العاجل لوضع حد لهذا الإهمال الذي سوف يؤدي إلى عدم الاستقرار في أهم مرفق إيرادي في الدولة. فإِنصاف موظفي الضرائب ليس مطلبًا ثانويًا، بل هو شرط أساسي لاستمرار الإيرادات وحماية الاقتصاد الوطني.
لقد حان الوقت لتلتفت القيادة إلى هؤلاء الجنود المجهولين الذين يرفدون خزينة الدولة بالمليارات بينما يقفون عاجزين عن توفير أساسيات الحياة لأسرهم. إن الموظف الضريبي لا يطلب المستحيل، بل يطالب فقط بحقوقه المشروعة، وهي حقوق إن تحققت فسوف تنعكس إيجابًا على أداء المصلحة وإيراداتها، وبالتالي على استقرار الاقتصاد الوطني بأكمله.