آخر تحديث :الإثنين-03 نوفمبر 2025-11:57م

الإعاشة ليست حق مكتسب، بل لعنة يجب اجتثاثها

الأحد - 24 أغسطس 2025 - الساعة 09:06 ص
محمد الخامري

بقلم: محمد الخامري
- ارشيف الكاتب


محمد الخامري

الإعاشة مصطلح ذل مُهين، تعايش معه عدد كبير من القيادات السياسية والعسكرية وأتباعهم لأنه أشبه بالكشوفات السرية التي بدأت كهبات واعانة او إهانة من دولة خارجية لشراء الولاءات وتدجين المسؤولين آنذاك، ومع الوقت تمكن هذا السرطان من جسد الدولة حتى صار بند ثابت يُصرف من الخزينة العامة، وكأنه استحقاق رسمي مكتسب، واليوم تعايش معه الناس وأصبحت أكبر مطالبهم ان تصرف الاعاشة بالريال وليس بالدولار فقط..!!


📌 في بلد يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر، تُدفع آلاف الدولارات شهريا لمسؤولين مترفين خارج البلاد، وجيش من المنتفعين المتعيشين من الحرب؛يعيشون في الفنادق بالرياض ويشترون الشقق بالقاهرة واسطنبول ويزايدون بالشعارات، ولايزاولون أي عمل حقيقي من شأنه احداث تغيير على الارض لصالح استعادة الدولة وإنهاء الحرب..!!

أي منطق، وأي عدل، أن يُصرف لمسؤول واحد مايعادل رواتب مئات الموظفين، بل مستحقات آلاف الجنود الذين ضحوا ولازالوا مرابطين في اعالي الجبال وبطون الأودية مقابل الفتات الذي لايكاد يعيل ذويهم..؟!


📌 هناك خلط لدى بعض الناس، يظنون ان هذه الأموال هي المرتبات نفسها ويناضلون لتحويلها من الدولار للريال، ورغم ان هذه معضلة موجودة ويجب حلها، الا انها ليست الاعاشة بمفهومها الاكبر، وهي تلك المخصصات الكبيرة التي كانت تصرف من السعودية أولا ثم تحولت من الخزينة العامة للدولة (من حسابات خاصة لدى البنك الأهلي السعودي وغيره)، تمر عبر آليات ووسائل بعيدة عن البنك المركزي اليمني ولاتدخل في الدورة المالية للدولة، بل تُدار عبر دورات مالية سوداء خارجة عن الدولة، فهناك إعاشة خاصة برئيس واعضاء مجلس القيادة الرئاسي، والمسؤولين في الحكومة، وهناك مخصصات للمليشيات العسكرية في كل الفصائل، بما فيها الفصائل الخاصة بأعضاء مجلس الثمانية الرئاسي، وهناك مبالغ مالية بالعملة الصعبة تُسلّم مباشرة لقيادة وأعضاء مجلس النواب من خارج الدولة اليمنية، وهناك مخصصات خاصة تصرف من أكثر من جهة خارجية للقوى والاحزاب وقياداتها السياسية..!!.


📌 هذه المبالغ التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات تصرف شهرياً من حسابات الدولة في الخارج؛ يجب ان تتوقف قبل كشوفات الإعاشة التي تصرف للصغار من المفسبكين والمؤلفة قلوبهم وأتباع القيادات السياسية والمسئولين، وحتى بعض ال... اللائي يتسلمن المخصصات الشهرية من المال القذر ويتحركن بالجوازات الدبلوماسية والخاصة دون أي وظائف معروفة..

انها جريمة دستورية مكتملة الأركان، ومعضلة اقتصادية تُسهم في تدمير العملة الوطنية وضرب الاقتصاد من جذوره، ولا يبرر أو يدافع عن هذه المهزلة والجريمة والمعضلة إلا من يتعيش منها، ولايحميها إلا فاسد غارق في وحلها.


📌 رئيس الوزراء الحالي الذي كان وزيرا للمالية، أكثر من يعرف تفاصيل هذه الكشوفات وأسماء المستفيدين منها، وبالتالي لاعذر له ولا مبرر في التلكؤ أو المماطلة باجتثاثها من عروقها، إن لم يوقفها اليوم، فلا تفسير لذلك سوى أنه واحد من المعتاشين عليها أو شريك في استمرارها..


📌 أخيرا واجبنا كمجتمع ألا نكتفي بالغضب أو الشكوى وحدها، بل علينا أن نكون رقابة حقيقية على المال العام.. كل يمني، مواطن أو إعلامي أو ناشط، يجب أن يفضح أي مسؤول يتقاضى الإعاشة، مهما كان منصبه أو نفوذه.

لا شيء يبرر الاستمرار في هذه المهزلة، وفضح المستفيدين هو خطوة عملية لإنهاء الفساد واستعادة الدولة من أيدي الفاسدين، كل كشف، كل وثيقة، كل اسم يُنشر، هو ضربة لهذا النظام الفاسد وحق للشعب أن يعرف الحقيقة، فهي ليست مساعدة ولا حق مكتسب، بل وصمة عار على الحكومة، وجرس إنذار لها، ودليل على أن الدولة تُدار بعقلية المكرمة والرشوة لابعقلية النظام والقانون والمؤسسات.