وردت في كتاب الله تبارك وتعالى كلمات بليغات اخص بالذكر تلك التي وردت في  قوله تعالى انك لغوي مبين سورة القصص الآية 18. فرجعت إلى كتب الفقه التمس لها معنى بعد أن ظننت والظن لا يغني من الحق شيئا بأن المعنى المقصود يتعلق باللغة أو يكاد أن يكون المعنى البسيط والذي يخطر على البال بانك لغوي اي ثرثار كما نقول بالعامية .
لكن عندما عدت إلى امهات كتب التفسير ملتمسا معنى لهذه الآية الكريمة يطيب لها النفس فوجدت أن المعنى كلمة لغوي ليس له علاقه أو صلة دم أو مصاهره من اي جهة كانت باللغة العربية إنما جاء ذكر لفظ لغوي والتي اشتقت من فعل غوى وتعني الضلال والفساد وسوء التصرف واستنادا إلى هذا المعنى اصبحت سعيدا بعد أن استقام معنى هذه الآية في العقل.
تساءلت  هل يمكن أن نستعير ما جاء في  نص هذه الآية الكريمة  كميزان لقياس  ما يحدث من احداث في الساحة القضائية ، خصوصا وان كل طرف من أطراف الصراع  يشير بطرف اصبعه إلى الطرف الآخر مرددا قوله تعالى  انك لغوي مبين .
  لقد تفرق بيت العدالة  إلى ثلاث فرق ، احداها تتحدى مجلس القضاء الأعلى و الثانية تقف إلى جانب مجلس القضاء الأعلى بينما الفرقة الثالثة هم باعتقادي الفرقة الناجية يتكون أفرادها من عامة المتفرجين والمشجعين والذين أصبحوا مثل مراسلي القنوات الفضائية يتبادلون الاخبار العاجلة عبر الخاص على تطبيق الواتس اب  مع اثارة نقاشات ساخنة تتعلق بإمكانية ترجيح فوز هذا الطرف او  ذاك.
القضاة ينبغي أن يكون العقل لباسهم  والرشد زينتهم والحكمة لسانهم لأن قياسا على ما شاهدناه من أحداث توحي بأننا قد اصبحنا نتعامل مع جمهور  لا ينتمي إلى القضاء سوى  بالوظيفة ، لأن القضاة هم صفوة المجتمع فهم من يبادر إلى حل النزاعات مهما ما بلغت حدتها أو درجة صعوبتها يجتهد القضاة  مرارا  لحل مختلف القضايا عن طريق الصلح وإذا تعذر الوصول لمثل هكذا صلح يلجأ القضاة للأحكام مكرهين لكن لهدف سامي وهو الحفاظ على صلات الدم والقربى وحفاظا على السكينة العامة في المجتمع .
 لكن القضاة عجزوا  عن تسوية خلافاتهم  الداخلية بل واصبح القضاة مادة دسمة بيد الصحافة الصفراء ، والذي أصبحت تتدخل بشكل غير مقبول لصالح هذا الطرف أو ذاك عن طريق صب الزيت على النار  والاستمتاع بمشاهدة دار العدالة وهو  يحترق بحثا عن سبق صحفي ينسب إلى هذا الصحفي أو ذاك  ، وتناسينا بأن النار إذا اشتعلت علينا فورا اخمادها  قبل أن يشتد لهيبها وتنتشر السنتها ، لذلك فان الواجب علينا كقضاة  أن نصرخ جميعا بصوت واحد وبصرخة غضب  وبكلمة كفى حتى نعيد لكافة الأطراف بعضا من صوابها  
 لقد قال يوما  عتبة ابن ابي ربيعة عليه ما يستحق من الله اعصبوها على راسي ،صحيح أن عتبه عليه ما يستحق من الله   كان يومها يقف في الصفوف الأولى  إلى جانب الكفار ولكن على الأقل يجب الاعتراف بان هذا الرجل على رغم من ضلالة كان لديه بعد نظر ، لذلك ها أنا اقولها اليوم اعصبوها على راسي أن كان هذا الأمر سينهي النزاع  وتعالوا نلتقي جميعا على كلمة سواء نحفظ لدار القضاء مكانته وكفى بالله حسيبا.