على أنقاض وطن ممزق، لم يعد لدينا ترف اختيار “الرئيس الحلم”، ولا مجال لترف النظريات الحالمة. اليوم، نحن أمام معادلة باردة وواقعية: إمّا أن نجد من يوقف هذا الانهيار، أو نغرق جميعًا.
قد تقول: “لا لإعادة تدوير أسرة صالح”، وأنا أقول معك: نعم، ولكن… ما العمل حين يكون بين يديك شخص لم يتورط في هذه المأساة، لم يشارك في ذبح الجمهورية أو إذلال اليمنيين، بل كان بعيدًا عن هذا الجنون منذ أكثر من اثني عشر عامًا؟
أيّ دم نطالبه أن يغسله؟ وأيّ تهمة نعلّقها على صدره غير اسم العائلة؟
أحمد علي، شئنا أم أبينا، يملك ما لا يملكه كثيرون: شعبية جارفة، قبول في الشارع، وإمكانية دعم دولي وإقليمي إذا طُرح كخيار. هذه ليست مشاعر، هذه أوراق سياسية حقيقية في زمنٍ لا مكان فيه للفراغ.
أنا ضد أن تتحول السلطة إلى إرث عائلي، لكنني أرى بوضوح أن أحمد علي ليس مجرد “ابن الرئيس”، بل شخصية لها وزنها، لها ما يكفي من الحضور والخبرة والعلاقات لتكون مفتاحًا في باب مغلق منذ سنوات.
ولأننا شبعنا خمسة عشر سنة من التشظي، فإن التوق لوجود شخصية واحدة محترمة تجمعنا — بغض النظر عمّن تكون — طالما أنها لا تعادي الجمهورية ولم تتورط في قتل وتشريد اليمنيين، فأنا معها.
وطالما لا توجد أحكام قضائية تدينه، فما المانع من استغلال قدراته والمعطيات التي يمتلكها لأجل اليمن فقط؟ لنعطه فرصة… وبإمكاننا بعد ذلك تقييم أدائه، ومع معرفتي أنه لن يكون أبدًا أسوأ من الأطراف الموجودة اليوم، إلا أن نقده واجب فيما لو أخطأ. وبالعموم، السياسي الذي يحكم في بلد جمهوري يجب أن يُنتقد بفشله وحتى في نجاحه، نقدًا بنّاءً، نقد المطالبة بالمزيد عند النجاح.
ولست بصدد الدفاع عن أحمد أو حتى الترويج له لمجرد أنه ابن الرئيس الراحل علي عبدالله صالح او لانه من المؤتمر، فلديه محبين بالآلاف بل ومطبلين ، أنا فقط بوصلتي مصلحة اليمن.
الحقيقة المرة أن السياسة ليست ساحة للأماني، بل ميدان للواقعية الباردة، وأحمد علي مهما كان موقفك منه يمثل في هذه اللحظة واحدًا من الخيارات القليلة القادرة على جمع الداخل والخارج على كلمة واحدة.
اخيرا…لا تقديس لأحد، الجميع تحت اليمن. ومن سيستهين بتضحيات اليمنيين ومعاناتهم، لابد لسياط العدالة أن تصله… اليوم قبل الغد.
د شادي البخيتي