كشف عضو مجلس الشورى علوي الباشا بن زبع كواليس سياسية مهمة من مرحلة مفصلية في تاريخ اليمن الحديث، مؤكدًا أن أخطر ما يمكن أن تواجهه أي دولة ليس الصراع السياسي بحد ذاته، بل سقوط الدولة ومؤسساتها، لما يحمله ذلك من تبعات كارثية على الوطن والمواطن.
وأوضح بن زبع، في مقال تحليلي بعنوان «حتى لا تحدث الكارثة (2/3)»، أن استدعاء أحداث عام 2011 لم يعد ترفًا سياسيًا، بل ضرورة لفهم تعقيدات المشهد اليمني الراهن في 2025، خاصة في ظل التوترات والإجراءات الأحادية في عدد من المحافظات، وما قد تجرّه من تعقيد إضافي بدلًا من احتواء الأزمة.
وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي لعبت دورًا حاسمًا في إنقاذ اليمن خلال احتجاجات 2011، عبر رعايتها للمبادرة الخليجية، التي جاءت نتيجة مخاض تفاوضي شاق، وانتهت بتوقيعها في الرياض برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – وبمشاركة مختلف الأطراف السياسية.
وسرد بن زبع شهادة شخصية من داخل كواليس تلك المرحلة، كاشفًا عن لقاء جمعه بمسؤول سعودي رفيع، شدد خلاله على مبدأ راسخ في السياسة السعودية مفاده أن المملكة “لا تتعامل إلا مع الدولة”، وهو نهج ثابت منذ عهد الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – وترفض بموجبه الاعتراف بأي وقائع تُفرض خارج إطار الشرعية والدولة.
ونقل بن زبع عن المسؤول السعودي تحذيره الصريح من أن سقوط الدولة يعني سقوط البلد بكامل وظائفه، متسائلًا: من سيدفع المرتبات؟ ومن سيموّل المستشفيات والمدارس؟ ومن سيحمي أمن المواطن؟ مؤكدًا أن لا أحد قادر على ملء فراغ الدولة مهما كانت الشعارات أو النوايا.
وبيّن أن الضغوط السعودية، إلى جانب دور المبعوث الخليجي عبداللطيف الزياني والوساطات القبلية، أسهمت في تجاوز حالة الجمود، وإقناع الأطراف بتمرير المبادرة الخليجية، ما حال دون انزلاق اليمن إلى فوضى شاملة في ذلك الوقت.
وأكد عضو مجلس الشورى أن هذه الدروس يجب أن تكون حاضرة اليوم بقوة، محذرًا من أن أي خطوات أو قرارات تضعف الدولة أو تتجاوز إطارها الشرعي، لن تقود إلا إلى مزيد من الانقسام والتشظي، وستصب في نهاية المطاف في مصلحة القوى المعادية للدولة.
وختم بن زبع بالتشديد على أن إنقاذ الدولة كان ولا يزال خيارًا واعيًا ومسؤولًا، وأن الحفاظ على ما تبقى من كيانها هو المدخل الحقيقي لأي حل سياسي مستدام، بعيدًا عن المغامرات والإجراءات التي قد تقود إلى كارثة وطنية جديدة.