في الوقت الذي يعاني فيه موظفو مكتب الضرائب من تدهور حاد في حالتهم الصحية والمالية نتيجة انقطاع التأمين الصحي وتأخر الرواتب منذ أشهر، يطفو على السطح سؤال محوري ومشروع: من يقف وراء تعطيل إعادة تفعيل التأمين الصحي؟ وهل لهذا التأخير علاقة بمحاولة التغطية على أخطاء الإدارة السابقة؟
إن مئات الموظفين وأسرهم يواجهون ظروفًا معيشية قاسية بعد حرمانهم من التأمين الصحي، وهو حق أساسي وليس منّة من أحد. فقد أصبحت تكاليف العلاج والأدوية عبئًا لا يُطاق، خصوصًا في ظل انتشار الأمراض المزمنة وتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ومع ذلك لم تتخذ الجهات المعنية أي خطوات جدية لإعادة تشغيل نظام التأمين الصحي.
وفي الآونة الأخيرة، كثُر الحديث عن احتمال ضلوع الإدارة السابقة في تعطيل استئناف التأمين، إما بشكل مباشر أو غير مباشر. ويعتقد البعض أن هذا التعطيل يهدف إلى طمس مخالفات مالية وإدارية ارتُكبت خلال فترة إدارتهم، وإخفاء معالم العبث بأموال التأمين الصحي أو سوء استخدامها.
وفي خضم هذه التجاذبات، يبقى الموظف هو الضحية الوحيدة، لا جهة تدافع عنه، ولا صوت يرتفع لنصرة حقوقه، بل تُمارس بحقه أبشع صور الإهمال والاستخفاف، وكأن صحته ليست من أولويات المؤسسة التي أفنى عمره في خدمتها.
إن السكوت عن هذه القضية لا يخدم سوى المفسدين، في حين أن الموظف البسيط هو من يدفع الثمن من صحته وقوت أسرته. إن إعادة التأمين الصحي ليست مجرد خدمة، بل حق أصيل يوجب على الجهات المعنية تنفيذه فورًا وبشفافية تامة.
والمطلوب اليوم ليس فقط إعادة فتح التأمين الصحي فورًا، بل فتح تحقيق شفاف في أسباب توقفه، ومعاقبة كل من يثبت تورطه في تعطيله أو التلاعب بملفاته. فالتغاضي عن هذا الملف يمثل استهتارًا بصحة الموظفين، ويفتح المجال لمزيد من الفساد والصمت القاتل.