آخر تحديث :الأحد-13 يوليو 2025-08:44م

البطاقة الإلكترونية الذكية نحو هوية وطنية حديثة تحاصر الفساد وتخدم المواطن

الأحد - 13 يوليو 2025 - الساعة 12:16 ص
د. قاسم الهارش

بقلم: د. قاسم الهارش
- ارشيف الكاتب


في مرحلة شديدة التعقيد تواجه فيها الدولة تحديات اقتصادية وأمنية وإدارية غير مسبوقة يبرز مشروع البطاقة الإلكترونية الذكية بوصفه إحدى أكثر المبادرات الوطنية جرأة واحترافا وخطوة استراتيجية على طريق بناء دولة مؤسسات قائمة على الشفافية والعدالة والحوكمة الرشيدة.

ما يميز هذا المشروع الحيوي أنه لا يمثل حلاً إداريا تقنيا فحسب بل هو قرار سيادي يستعيد للدولة هيبتها ويعيد الاعتبار لمفهوم المواطنة ويضع حدا لعقود من الازدواج الوظيفي والعبث المؤسسي والفساد المنظم.

بقيادة معالي وزير الداخلية اللواء الركن إبراهيم علي حيدان تحول المشروع من فكرة طموحة إلى واقع ملموس يبرهن منذ اللحظة الأولى أنه مشروع دولة بكل ما تعنيه الكلمة لا مجرد مشروع وزاري محدود.

لأول مرة يمنح المواطن اليمني هوية رقمية وطنية موحدة ترتبط مباشرة بمؤسسات الدولة الشرعية بعيدة عن أي تدخلات أو سلطات غير قانونية وتفتح أمامه أبواب الخدمات العامة بعدالة ومساواة دون وساطة أو تزوير أو عراقيل.

لقد كشفت البطاقة الذكية عن آلاف الحالات من التزوير والتكرار والازدواج الوظيفي وأغلقت نوافذ تمويل كانت تستنزف عبر أسماء وهمية ورواتب غير مستحقة ما وفر ملايين الريالات على الخزينة العامة ووجه ضربة قاصمة لإحدى أبرز أدوات الفساد المالي والإداري.

وبفضل خصائصها البيومترية ومواصفاتها الأمنية المتقدمة أصبحت البطاقة الإلكترونية واحدة من أكثر الوثائق أمانا في المنطقة لا تقتصر على تحديد الهوية بل تسهم بفعالية في دعم الأمن القومي ومكافحة التزوير والجريمة المالية وغسل الأموال.

ولعل أكثر ما يثير امتعاض بعض القوى المتضررة ليس نوايا المشروع بل نتائجه الفعلية فقد أصبح من الصعب تمرير الأسماء الوهمية أو التلاعب بكشوف المرتبات أو التحكم بالبيانات السيادية من خارج مؤسسات الدولة. إنها مواجهة حقيقية بين مشروع وطني نزيه وشبكات فساد متجذرة اعتادت على النهب والعبث بلا حسيب.

لقد قدم اللواء إبراهيم حيدان نموذجا نادرا في الإدارة السيادية الهادئة فتحرك بثبات وشجاعة بعيدا عن الضجيج الإعلامي ونجح في تحييد الجماعة الحوثية عن ملف الأحوال المدنية وأعاد الثقة بدور الحكومة الشرعية ووزارة الداخلية كمؤسسة حامية للهوية الوطنية.

إن هذا المشروع لا يخص وزارة الداخلية وحدها بل هو مكسب لكل يمني حر يؤمن بالدولة والنظام والقانون ومن هنا فإن دعم هذا المشروع مسؤولية وطنية وأخلاقية على جميع القوى السياسية والمجتمعية والإعلامية لحمايته من حملات التشويش والتضليل وتسريع تعميمه في كافة المحافظات المحررة.

نحن لا ندعي أن المشروع كامل أو مثالي لكنه الأقرب لروح الدولة التي نحلم بها دولة بيانات دقيقة ومؤسسات شفافة وهوية وطنية واحدة وعدالة لا تستثني أحدا.


فلنكن أوفياء لهذا الوطن ولنمنح هذا المشروع الوطني ما يستحقه من ثقة وتأييد فهو ليس مجرد بطاقة بل خطوة حقيقية نحو بناء الدولة.