آخر تحديث :الثلاثاء-01 يوليو 2025-01:25م

اليمن بين تشظي السلاح وضياع السيادة

الأحد - 22 يونيو 2025 - الساعة 10:53 م
نايل عارف العمادي

بقلم: نايل عارف العمادي
- ارشيف الكاتب



في الوقت الذي يتطلع فيه اليمنيون إلى بزوغ فجر الدولة المدنية الحديثة، تزداد الصورة قتامة في المحافظات الجنوبية، حيث يتكاثر السلاح وتتعدد الولاءات وتتوزع الجغرافيا بين التشكيلات المسلحة التي لا ترتبط بمؤسسة وطنية واحدة، بل تتبع جهات عقائدية أو قبلية أو حتى تمويلات خارجية متصارعة.


لقد فشل التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، حتى اللحظة في تحقيق وعده بتشكيل جيش وطني يمني موحد يكون درعاً لحماية المواطن وسيادة الدولة ومؤسساتها. وبالمقابل، شهدت الساحة العسكرية انفجاراً في التشكيلات ذات الطابع المناطقي والجهوي والولاء العقائدي، حتى باتت كل قرية تمتلك كتيبتها، وكل قائد يحمل سلاحاً دون ولاء وطني جامع.


المفارقة المؤلمة أن الجندي اليمني المنتمي إلى مؤسسة الجيش "الشرعي" يعيش وضعًا بائسًا، إذ لا يتقاضى راتبه بانتظام، ويضطر أحيانًا للتسول أمام بوابات المعسكرات بينما يتلقى أفراد التشكيلات المدعومة من التحالف رواتب مجزية، بعضها بالريال السعودي وأخرى بالدرهم الإماراتي. وبهذا لم تعد الفوارق مالية فقط، بل أصبحت رمزية تمس السيادة والكرامة الوطنية.


الأخطر من ذلك أن بعض القادة العسكريين في هذه التشكيلات لا يمتلكون أي تأهيل عسكري حقيقي، ويُمنحون الرتب والقيادة لمجرد حضورهم حلقات دينية أو ولائهم لشيخ قبلي هذه المفارقة تضعف هيبة الجيش، وتنسف مبدأ المهنية والانضباط


استمرار هذه الفوضى العسكرية ينذر بانفجار داخلي قادم، حيث من المرجح أن تتصادم هذه التشكيلات فيما بينها، حين تتضارب المصالح أو تختلف التوجيهات الخارجية. فالسلاح الذي لا يخضع لعقيدة وطنية ولا لقيادة موحدة، مصيره أن يُشهر في وجه الوطن ذاته.


إن إعادة الهيبة للجيش اليمني لا تكون إلا من خلال هيكلته على أسس وطنية شاملة، وإخضاع جميع التشكيلات المسلحة لسلطة وزارة الدفاع اليمنية بقيادة مباشرة من وزير الدفاع الذي يحظى اليوم بدعم شعبي لجهوده فلا بقاء لليمن إلا بجيش واحد وولاؤه للوطن، وعدوه من يهدد سيادته .


إن السكوت عن انفلات السلاح اليوم، هو القبول بحرب أهلية غدًا.