لم يكن العيد في ذاكرة اليمنيين مجرّد مناسبة دينية فحسب، بل كان لحظة فرح كبرى يجتمع فيها الكبير والصغير ويتنفس فيها الفقراء نسمة كرامة من خلال أضحية يُقدم لحمها على موائد طالما غاب عنها، لكن هذا العام... تغيّرت الملامح وتبدّلت الأحوال تأتي الأعياد والمرتبات غائبة والعملة تترنح والأسواق تتحدث بلسان الغلاء القاسي "من لا يملك لا يفرح"!!!
أصبح سعر كبش العيد بعيدًا عن متناول المواطن البسيط وكأن التضحية أصبحت ترفًا لا يليق إلا بأصحاب المال والنفوذ.!
قبل يومين كنت اتجول بسوق المواشي بمدينة "لودر" ورأيت الأسعار التي لاسقف لها، ورأيت الغلاء المبالغ فيه بشكل مخيف، ليست لودر وحدها من تعاني بل بكل المدن المحررة حيث يُفترض أن تكون الحياة أكثر أمنًا واستقرارًا، إلا أن الظاهر عكس ماتوحي إليه الكلمة "محررة"، فالمواطن في أشد معاناته مع الفقر والبؤس، فلا كهرباء ولا خدمات ولا مياه والآن.. لا أضحية.
تُرك الناس لرحمة الأسواق وجشع التجار في ظل غياب الرقابة وغياب دور الحكومة وكأن المواطن لا قيمة له إلا حين تُرفع الشعارات وتُزاح الستائر أمام الكاميرات.
الغلاء لم يعد مجرد رقم في السوق بل صار كابوسًا نفسيًا يثقل الآباء ويزرع الحزن في عيون الأمهات، كيف يفرح طفل بثوب العيد وموائد الجيران تمتلئ وهو يحدّق في صحن فارغ؟!.
زمان عيد الأضحى كان رمزًا للتكافل واليوم صار اختبارًا للقدرة على التحمل لمن يستطيع إليه سبيلاً، فإلى متى يبقى المواطن ضحية التقصير والتجاهل، ابتداءً بالمضاربة بالعملة المحلية وانتهاء بغلاء الأسعار؟،
ففي ظل هذه الظروف لا نطالب بالمستحيل بل بحياة تُعاش بكرامة، بقرارات تحمي الناس لا تُرهقهم، برقابة توقف هذا الجنون في الأسعار برحمة يشعر بها الفقير... قبل أن يتحول العيد إلى ذكرى موجعة تُروى في ليالٍ بلا لحم، ولا ضحكة ولا فرحة.
واخيرًا رسالة لكل مسؤول قبل أن تباركوا بالعيد على شاشات التلفزيون اسألوا أنفسكم من منكم ضحى لليمن، ومن جعل اليمني هو الأضحية؟!