آخر تحديث :الخميس-26 يونيو 2025-09:11م

الأزمة اليمنية والنواب

الجمعة - 23 مايو 2025 - الساعة 04:59 م
عبدالناصر محمد العمودي

بقلم: عبدالناصر محمد العمودي
- ارشيف الكاتب



إن مجلس النواب، باعتباره أحد المكونات الدستورية للدولة، يُفترض أن يكون صوت الشعب والمدافع عن مصالحه العليا. غير أن واقع الحال في اليمن يكشف عن صورة مختلفة تمامًا، حيث تحوّل هذا الكيان، وللأسف، إلى أداة هلامية فقدت جوهرها، بعدما باع عدد كبير من أعضائه ضمائرهم مقابل حفنات من الريالات والدراهم، متجاهلين القسم الذي أدّوه، ومتخلّين عن أمانة المسؤولية التي أُوكلت إليهم.


وقد يُقال إن هذه هي حال اليمنيين عمومًا، ممن عرفوا بالفساد وخيانة الأمانة، وهذا صحيح إلى حدٍّ ما في من تقلد مناصب ، وينطبق على غالبية المسؤولين، إلا من رحم الله وهداه. لكنّ اللافت أن هذا النمط من الأشخاص هو ما يُراد له أن يتصدر المشهد، من خلال انتقائهم بعناية من قبل قوى نافذة ووصية، تبحث عن أولئك الذين يفرّطون في الشرف والسيادة والوطن مقابل مكاسب شخصية.


أما الوطنيون المخلصون، فغالبًا ما يكون مصيرهم التصفية أو التهميش، في ظل حملات إعلامية ممنهجة تسعى لتشويه صورتهم، مستخدمةً جيوشًا إلكترونية بارعة في قلب الحقائق، حتى تجعل من الخائن شريفًا، ومن الشريف خائنًا.


إن الأزمة الحقيقية في اليمن ليست في أبنائه، فهم الأقدر على إدارة شؤونهم وتسوية أوضاعهم الداخلية لو تُرك لهم القرار. بل تكمن الأزمة في التدخلات الخارجية التي حرصت، على مدى العقود، على إبقاء اليمن مجرد حديقة خلفية تُدار بما يخدم مصالحها. فمنذ عهد الملكية إلى الجمهورية، ومن زمن السلطنات إلى الوضع الراهن، شهدنا اغتيالات متكررة، ودعمًا مشروطًا لمشايخ قبائل، فقط لضمان ولائهم وتنفيذ أجندات لا تعبأ بمصلحة الشعب اليمني، الذي كان وما زال، في أحلك الظروف، يُقابل بالتهميش والتهجير بدلًا من الدعم والاحتضان.


أما التلاعب بالدستور، فقد كان أحد أبرز أدوات تلك التدخلات، حيث أُفرغ من مضمونه، وتحول مجلس النواب إلى أداة للتصديق على قرارات لا تعكس إرادة الشعب، بل تمليها جهات خارجية دفعت بأولئك النواب إلى مقاعدهم، وأسكنتهم في الفنادق، ومنحتهم الامتيازات، ليؤدوا دورهم في "التبصيم" على البيانات والقرارات المعدّة مسبقًا في كواليس الأوصياء، لا في أروقة التشريع اليمني.


وما نشهده اليوم من واقع سياسي متخبط، ومسؤولين يفتقدون إلى البوصلة الوطنية، ليس سوى نتيجة طبيعية لهذه المنظومة المختلّة، التي آن لها أن تتغير، إن كنا نرغب حقًا في بناء مستقبل يليق باليمن وشعبه.


ولا سبيل إلى ذلك إلا بإعادة هيكلة مجلس النواب بما يتوافق مع المصلحة الوطنية، ومحاسبة كل مقصر وفقًا لنصوص الدستور اليمني، لا وفق أهواء القوى المتنفذة وكواليس الأوصياء، كما حدث ويحدث.


e.g.PME ABDULNASER ALAMOUDI