آخر تحديث :الخميس-26 يونيو 2025-01:50م

الشرعية اليمنية بين الارتهان والتفكك الوطني

الأحد - 11 مايو 2025 - الساعة 10:55 م
عبدالناصر محمد العمودي

بقلم: عبدالناصر محمد العمودي
- ارشيف الكاتب


يعيش اليمن جرحًا نازفًا منذ أن أُرتهنت إرادته الوطنية لمتصدّري المشهد السياسي زورًا وظلمًا؛ أولئك الذين تنكّروا لانتمائهم الوطني، وسخّروا البلاد لأجندات خارجية معادية لشعبه، وأرضه، ومقدراته. فتحوّلت اليمن إلى ساحة مفتوحة للبيع والشراء، يتحكم بها مرتزقة يفتقرون لأبسط مقومات النضج السياسي والاجتماعي، ولا يحركهم إلا صوت المال، فأسهموا في إنتاج واقع مستباح تجاوز كل مقاييس التدهور.


أما مجلس النواب اليمني، فقد تحوّل إلى مؤسسة غريبة عن الوطن، تُدار من خارج حدوده، وتُستخدم كأداة لتمرير ما يخدم مصالح الممولين، يعبث بنصوص الدستور، ويتكئ على فراغ سياسي ناتج عن انقسام مصطنع، صُمم ليكون أداة طيّعة لأجندات تهدف إلى نسف أي أمل في استعادة الكرامة الوطنية. فقراراته لا تمتّ للشرعية بصلة، وهي تصدر عن حكومات وهمية فاقدة للسيادة، تديرها أدوات رخيصة من خلف الستار.


شُرّد الشعب اليمني في الداخل والخارج، وتوزّع في المهاجر القسرية، هربًا من واقع العنف، والارتهان، والاغتيالات المنظمة، في محاولة للنجاة، بينما استبشر الواهمون بأن الأرض ستُصفّى لهم خالية من شعب عليل، بحسب ظنّهم.


ومع إشراق كل صباح على اليمن، تتكشّف ملامح مؤامرة كبرى حيكت ضد شعب عُرف بكرامته وصبره. طمع الطامعون في خيراته، وموانئه، ومنافذه، فصادروا حقوقه، وقيّدوا تطلعاته، وسمحوا لمواطنيهم بالتطاول على اليمنيين، دون أدنى مراعاة للدمار، والمجاعة، وانعدام الاستقرار الذي تسببوا فيه.


الحكومات المتعاقبة، بمسمياتها المختلفة، لم تكن سوى أدوات تم تصميمها في غرف استخبارات أجنبية، لتنفيذ عملية تدمير منظم، وتقزيم للدولة اليمنية، والتصديق الأعمى على مشاريع الاستباحة لكل مفاصل البلاد. لم تنظر هذه الحكومات إلى معاناة الشعب حتى من باب الشفقة، بل زادت عليه الويلات.


لم تعد الهجرة فقط من اليمن إلى الخارج، بل أصبحت من دول "الصداقة" والتحالف إلى المنافي البعيدة، بعد أن باتت اليمن غير صالحة للعيش الكريم، بفعل ميليشيات مسلّحة مرتهنة للخارج، تمارس تدميرًا ممنهجًا لكل ما تبقى من مقومات الحياة، وتُغذّي الانقسامات الطائفية والمناطقية، رغم أن سنن الله تأبى إلا أن تُطفئ كل نار أشعلوها.


في ظل هذا الواقع، لا يمكن أن نجد في تلك الحكومات، ولا في ساسة المصالح، ما يمثل شرعية حقيقية للسيادة اليمنية، أو ما يعكس تطلعات الشعب الذي أنهكته الحروب والمؤامرات. فالاستعمار الخفي، مهما تفنّن في تمويه أدواته وتفكيك النسيج الوطني، لن يدوم.


إن بناء اليمن الحقيقي سيكون على يد أبنائه الأوفياء، المتطلعين للنهوض بوطنهم، البنّائين لصرح الشموخ والأنفة، التوّاقين للرقي، المحبّين لأبناء الوطن، المحاربين لكل ألوان الفساد مهما كان نوعه أو شخصية القائم عليه. ولن يكون التعمير والبناء على يد أولئك المستجدين الاعتراف بالتمسّح بالكيان الصهيوني، في صورة تجسّد مهانة النفس، والفكر السياسي في أدنى صوره وضعف، والمضحك أنها تجد أيادي تُصفّق لهذه السذاجة.


فحفظ الله اليمن، وأجار شعبه من فكر البِغال.


المستشار د. عبدالناصر العمودي