في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف باليمن جاءت استقالة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك لتضيف مزيدًا من الغموض والتساؤلات حول مستقبل البلاد، وخاصةً على المستوى المعيشي للمواطن الذي بات يئنّ تحت وطأة التدهور الاقتصادي والخدمي، من انقطاع الكهرباء والمياه وتوقف الرواتب إلى تدهور العملة المحلية أمام الدولار مرورًا بالنزوح والشتات، وانهيار التعليم وتردي خدماته.
كل هذه الكوارث... هل يمكن أن تُحلّ كل تلك المشاكل بمجرد تغيير وزير بآخر، أو رئيس حكومة بغيره؟
إن الأزمات التي يعاني منها اليمن اليوم ليست وليدة اللحظة بل هي تراكمات عقد من الزمن تتضخم وتتفاقم ككرة ثلج تكبر كل حين، تتغير الوجوه الحكومية وتتبدل باستمرار دون تغيير حقيقي في النتائج.
هذه التغييرات المتكررة في الحكومات بمعدل "حكومة" كل عامين تقريبًا لم تفعل شيئًا سوى ارتفاع في أسعار العملة وفي زيادة أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية وإلى التدني والهرولة في منحدر قلة الخدمات الأساسية.
المواطن المغلوب على أمره كان يعلّق الأمل مع كل تغيير حكومي لعل وعسى يتحسن الحال لكن وفي كل مرة يُصدم بواقع أسوأ مما قبله.
يعيش المواطن اليوم بين سندان الغلاء الفاحش ومطرقة انهيار العملة، وبين وسط تغييرات حكومية لا تحمل سوى المزيد من العبء المضاعف كل عام وتعكس صراعًا مستمرًا بين المكونات السياسية أكثر من كونها خطوات إصلاحية.
برأيي، سواء استمر بن مبارك أو رحل فإن الواقع لن يتغير لأن أسلافه أيضًا فشلوا في تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار الاقتصادي وكان الوضع حينها أفضل نسبيًا مما هو عليه الآن، فكيف نطالب من الرجل أن يُحقق المعجزات وهو نفسه وقف واستوقف وشكى وقالها بأنه لم تمنح له صلاحيات حقيقية مكنته وجعلته صانع قرار كما قال في خطاب استقالته!!.
ليس تعيين رئيس حكومة كفؤ هو الحل السحري ما لم تُمنح له صلاحيات كاملة مع توفير دعم سياسي فعلي "حقيقي" وإصلاحات على كافة الأصعدة والمستويات وأولى تلك الحلول رفد البنك المركزي ومعالجة انحدار العملة المحلية وآخره صرف الرواتب بانتظام.
بن مبارك لم يُحارب ربما لكنه تُرك وحيدًا وسط بحر من التناقضات والمضايقات (والتطفيش)، ودون سند من القوى السياسية أو حتى من التحالف الذي كان من المفترض أن يدعمه حتى قدم الاستقالة طواعية وكأن شعاره كان ( مكره أخاك لا بطل).
أن تعيين حكومة جديدة من التكنوقراط الأكفاء أصحاب الاختصاصات العلمية إن لم يكن التحالف خلفهم ستكون النتيجة ذاتها ولا محالة الفشل حليفهم لست متشائم ولكن المعطيات هي من تقول ذلك، والابتعاد قدر الإمكان عن الحلول "الترقيعية" التي أرهقت كل من سبقهم التي لا أراها تجدي نفعًا، إذن ماهي المشكلة لو تحمل التحالف مهامه التي جاء لليمن لأجلها.. هل سنكون مانحن فيه!.
أعيد وأكرر المشكلة ليست في الأسماء أو الأشخاص بل في النظام السياسي وفي غياب إرادة حقيقية للحل، فالحل بيد التحالف هو من يملك مفاتيح ومغاليق الأزمة وعليه أقول: بحكم الجوار والدم والدين والهوية القومية العربية والعمق الاستراتيجي لدول الخليج واليمن اتمنى أن ينهض الإخوة في التحالف بمسؤوليتهم تجاه اليمن كما بدأوا بـ"عاصفة الحزم" حتى يعيدوا لليمن استقراره ومكانته ويمنحوا للشعب قليلًا من الأمل في مستقبل أفضل ويعود اليمن السعيد سعيد.