آخر تحديث :الإثنين-09 يونيو 2025-09:13م

الحوثي بين وهم الاعتراف والواقع المرير

الجمعة - 14 فبراير 2025 - الساعة 07:08 م
محمد علي رشيد النعماني

بقلم: محمد علي رشيد النعماني
- ارشيف الكاتب


لا تزال جماعة الحوثي تعيش في كوكب آخر حيث تتوهم أن توقيعها على ورقة هنا أو هناك سيمنحها شرعية افتقدتها بقوة السلاح ولم تكسبها بشعارات "الموت لأمريكا" التي لم تقتل سوى أحلام اليمنيين آخر فصول هذا العبث السياسي كان في الأردن عندما حاول الحوثيون تسويق أنفسهم كجهة رسمية عبر مذكرة تفاهم مع السلطات الأردنية بعد انتحال أحد قياداتهم صفة رئيس الهيئة اليمنية للأدوية وكأن الصخب الإعلامي والمراوغات السياسية كفيلة بمنحهم شرعية عجزوا عن إنتزاعها حتى من حلفائهم في طهران.

كالعادة استخدم الحوثيون أسلوب "الفهلوة السياسية"، فتوهموا أن توقيع ورقة زائفة يكسبهم اعترافا دولياً غير مدركين أن العالم ليس سوقاً لبيع الأوهام وأن هناك حكومة يمنية معترف بها دولياً لها سفاراتها ومؤسساتها التي تتحرك وفق القانون لا عبر الإلتفاف والتلاعب بالشرعية .

لكن هذه الخديعة لم تمر على السلطات الأردنية التي صححت المسار سريعا استجابة لمخاطبة السفارة اليمنية فألغت الإتفاق ليعود الحوثيون إلى نقطة الصفر تماما كما يحدث مع كل محاولاتهم العبثية لاختراق الأنظمة السياسية للدول .

تواجه الجماعة أزمة مزمنة تتمثل في الاعتراف الدولي فمنذ انقلابها على الشرعية وهي تحاول بشتى الطرق انتزاع أي اعتراف ولو عبر منظمات صحية أو جمعيات أهلية لكن دون جدوى لماذا؟ لأن العالم لا يعترف بالميليشيات المسلحة التي تتغذى على الحروب وتستغل المساعدات الدولية لتمويل مشاريعها العسكرية بدلاً من إنقاذ الأطفال الجوعى في مناطق سيطرتها

الحوثيون بارعون في تحويل المدارس إلى ثكنات عسكرية والمساجد إلى منصات خطاب تحريضي لكنهم فشلوا في التحول إلى كيان سياسي محترم لأن منطق القوة وحده لا يصنع الدول .

ربما آن الأوان لأن يدرك الحوثيون أن زمن التلاعب قد انتهى وأنه لا شرعية بدون العودة إلى طاولة المفاوضات ولا اعتراف بدون الالتزام بالمرجعيات الدولية فالعالم اليوم لا يريد جماعات مسلحة تنشر الفوضى بل دولاً مسؤولة تحترم القوانين والاتفاقيات .

فهل يمتلك الحوثيون الشجاعة لمغادرة عالم الوهم والانخراط في مسار سياسي حقيقي؟ أم أنهم سيواصلون مسلسل "اللطم الدبلوماسي" على أبواب العالم بحثا عن اعتراف مفقود؟

ستكشف الأيام القادمة الإجابة عن هذه التساؤلات لكن ما هو ثابت أن الأوراق المزورة لن تبني حكومات تماماً كما أن "الصرخة" لن تصنع دولاً .