في وطن متداعي ومنهك الجسد في غياب المؤسسات الرسمية الضابطة على مستوى الأمن والقضاء الذي تنتشر فيه الفوضى والفساد وتتضاربة الجماعات المخربة ومؤامرات الخارج والداخل .. في ظل هذه العتمة المظلمة التي تخيم على وطننا الجنوبي الحبيب نجد بريق ضؤ أو نجوم مضيئة تضئ كثير من مساحات هذه العتمة حيث تعطينا الأمل في عودة وطن متعب لطالما غطى وجهة بوشاح الفقر والمعاناة.
ويحضرنا العديد من الشخصيات الجنوبية التي ظلت تعمل في وقت استثنائي غير ٱمن في خدمة الوطن والإنسان انطلاقا من أخلاقها الدينية والتربوية واخلاصها للوطن ، هامات وجدت لتصنع لها تاريخ مشرف يارشف في ذاكرة الوطن.
ففي محافظة أبين الباسلة التي تعاني دائما مرارات مختلف أشكال الإهمال على الرغم من تداول أبنائها لمناصب سلطوية عليا في البناء السياسي للدولة.
حيث ظلت بعيدا عن أيدي الرعاية والعناية بل كان ولازال يشملها النصيب الأكبر من الإهمال الذي يتعارض وتاريخها العظيم.
في ظل الظروف الاستثنائية التي مرت بها محافظة أبين كان لشخصيتان دورا بارزا وكبيرا في تضميد جراح هذه المحافظة في واقعها الموضوعي بقدر استطاعتهما لتقلل من التشتت الأمني من جهة والتشتت القضائي وعدالته من جهة أخرى.
ممكن تصور ذلك في مستقيمان متوازيان أحدهما كان بارزا على المستوى الأمني الذي تمثل في شخصية أبو مشعل مدير أمن محافظة أبين.
والأخر على المستوى القضائي الذي تمثل في شخصية الهامة القضائية قيصر العيدروس رئيس المحكمة الاستئنافية محافظة أبين ، والذي لعب دورا هاما في إصلاح ما خربه الكثير من قضاة المحاكم الابتدائية في ضياع حقوق الناس ، وخلق أشكال الفتنة بين المتحاكمين من خلال أحكام لم تستوعب العدل في حيثياتها.
تواجد القاضي قيصر في محكمة أبين في ظروف استثنائية بالغة الخطورة مرت بها أبين تتنازعها أعمال التخريب والقتل وثقافة المظالم.
حيث كانت في أمس الحاجة إلى مثل هذا القاضي الذي يمثل رمزا قضائيا متميزا شكلا ومضمونا مظهرا وجوهرا حيث كل ذلك تضمن قاضيا واضح الحزم والشجاعة ثابت الموقف لايستبدل الحق بالباطل.
لعب دورا محوريا في إرساء معايير العدل وإصلاح ما يفسده الآخرين في دهاليز المحاكم الإبتدائية، وتتجلى هيبته واضحة وأخلاقياته الرفيعة مع الحاكم والمحكومين.
وفي الوقت الحالي تم ترقية هذا القاضي الهٱمة إلى المحكمة العليا استحقاقا ودراية بعمله القضائي، ولاشك أن هذا يستحق توجية التقدير للسلطة القضائية العليا التي نظرت بعين العدل والمعرفة في شؤونها القضائية.
ولكن من وجهة نظر أخرى خروج مثل هذا القاضي في ظل هذه الظروف غير الملائمة التي تمر بها المحافظة مظلمة في حد ذاتها إن لم يكن البديل موازي لهذا القيصر القضائي.
تحية لهذه الهامة القضائية الجنوبية المتميزة وكل القضاة الشرفاء الذين يعملون دائما في ظروف استثنائية في مناطق متداعية تحتاج للأمن والقضاء العادل، هؤلاء القضاة الذين يجعلون نصب أعينهم حق الدين والأخلاق والعدل والوطن.