ينهب بعض الفقهاء في تعريف الفساد الادري الى انه (سلوك الموظف العام المخالف للواجب الرسمي بسبب المصلحة الشخصية مثل العائلة، القرابة، الصداقة، او الاستفادة المادية).
وعرفه البعض الأخر بانه (الممارسات غفي المشروعة كهدف الى مصالح شخصية او حزبية او فئوية على حساب المصالح العامة في المجتمع، سواء اكانت هذه الممارسات تتم بصورة عشوائية ام منظمة، سرية ام علنية فردية ام جماعية) وهناك تعاريف عدة للفساد الاداري لا يتسع المقام لذكرها .
· مظاهر الفساد الاداري في الجهاز الاداري للجمهورية اليمنية:-
للفساد الاداري صور ومظاهر متعددة الا ان هناك صور ومظاهر الاكثر شيوعاً وممارسة في الاجهزة و المرافق الحكومية العامة واجهزة ومؤسسات القطاع الخاص ، فهي تمارس علناً وبصورة يومية في تلك الاجهزة والمصالح الحكومية الا انها تختلف باختلاف الجهة التي تمارسه المصلحة الشخصية التي قد يسعى الموظف العام الى تحقيقها والتي تكون على حساب المصلحة العامة من خلال تعطيل العمل بالأنظمة والقوانين النافذة بهدف الإثراء غير المشروع على حساب المصلحة العامة الا اننا سنتناول وبإذن الله تعالى في عدة حلقات إلى أهم تلك المظاهر ومنها :-
1- التسيب الوظيفي : عدم تحمل المسؤولية ، افشاء أسرار العمل إساءة استعمال السلطة او التعسف في استعمال السلطة او الانحراف بالسلف المحسوبية والواسطة والمحاباة الازدواج الوظيفي والتوظيف الوهمي ، ونتناول في هذه الحلقة بإذن الله تعالى الى : ظاهرة الازدواج الوظيفي والتوظيف الوهمي باعتبارها ظاهرة متجذرة في الاجهزة والمصالح الحكومية وسنتناول تتابعاً في حلقات قادمة بإذن الله تعالى الى المظاهر الاخرى .
2- الازدواج الوظيفي : والذي يتمثل في ظهور الموظف في كشوفات مرتبات اكثر من مرفق حكومي .
اما التوظيف الوهمي : فهو توظيف اعداد هائلة من الوظيفي من مدنيين وعسكريين وظهور أسماءهم في كشوفات الرواتب غير انه ليس لهم اي تواجد في اطار وحداتهم واستلام مرتباتهم ومخصصاتهم من قبل رؤساء تلك الوحدات وتنتشر هذه الظاهرة بصورة كبيرة في السلك العسكري .
وفي اليمن تعاني اجهزة الدولة من مشكلة الازدواج حيث تشير تقدير المختصين الذين قاموا بإجراء بعض البحوث في هذا العدد الى ان (20%) من إجمالي موظفي الدولة البالغ عددهم (407,121) موظف يشغلون أكثر من وظيفة أي ان هناك ما يقارب (10,000) موظف يعمل بأكثر من وظيفة في اجهزة الجدولة الخاضعة لرقابة وزارة الخدمة المدنية باستثناء اجهزة الأمن والجيش ومصلحة شؤون القبائل التي لم يشملها التقرير باعتبارها غير خاضعة لرقابة الخدمة المدنية ((هذه الإحصائيات في ظل النظام السابق وقبل الحرب))
وأشار تقرير تقييم الفساد في اليمن وإلى ان نظام مكافأة المواليين الرسميين يتضمن توظيف آلاف اليمنيين في وظائف رسمية حيث يستتلكم الكثير منهم مرتباتهم وهم لا يقومون بأداء أي اعمال تذكر .
واشار التقرير ايضاً الى ان دراسة للخدمة المدنية اظهرت ان اجمالي الموظفين الرسميين بلغ (473,000) موظف منهم ما بين (15,000 – 30,000) الف موظف يعانون من الازدواج الوظيفي او موظفين وهميين وذلك اثناء تدشين الحكومة لبرنامج تحديث الخدمة المدنية في عام 98م بهدف تحسبين الكفاءة التشغيلية ومحاربة مظاهر الفساد في القطاع العام .
وكشف وكيل وزارة التخطيط والتنمية محمد الحاوري الى انه في اطار محاربة الفساد تقدر احصائية حديثة لوزارة الخدمة المدنية عدد الوظائف الوهمية (30) الف وظيفة وان تلك الوظائف الوهمية لا يوجد شاغلون حقيقيون لها في قطاعي الامن والجيش وان اصحابها يتقاضون رواتب ثابته من دون عمل حقيقي تقدر الحكومة بنحو (200) مليون دولار سنوات سنوياً ، كما اشار الى انه وبموجب الإحصائيات الرسمية فانه من بين كل مائة وظيفة ثلاث وظائف وهمية او مزدوجة فيما يتجاوز عدد العاملين في الحكومة مليون شخص .
واشارت اللجنة البرلمانية المشكلة من قبل مجلس النواب الى أنه فيما يتعلق بالإصلاح الاداري واستكمال تنظيف كشف الراتب من الموظفين الوهميين والمزدوجين والشاعلين لعدد من الوظائف في القطاعين المدني والعسكري الى انه لم يتم استكمال نظام البصمة والصورة وتنظيف كشف الراتب والذي كمان مقرراً الانتهاء منه في منتصف عام 2011م نتيجة للأحداث التي شهدتها البلاد خلال عام 2011م ، حيث بلغ عدد الحالات الوهمية والمزدوجة التي ت تنزيلها خلال الفترة (2005- 2010م ) عدد (15,775) حالة وبلغ الاثر المالي الذي تم تخصيصه من الموازنة العامة نتيجة تنزيل تلك الحالات (15) مليار ، الا ان عملية التجنيد الجديد التي حدثت خلال عامي (2011- 2012) ادى الى زيادة تلك الاعداد .
وتبين المؤشرات المستخلصة من تحليل البيانات الخاصة بالاختلالات القائمة في اوضاع الموظفين في ضوء نتائج تنفيذ مراحل الاستراتيجية (الاولى ، والثانية) من نظام اجور ومرتبات موظفي الدولة استناداً للقانون رقم (43) لسنة 2005م بشان نظام الوظائف ، والاجور ، والمرتبات الى ما يلي :
1- اجمالي الموظفين الموجودين فيس كشوفات المرتبات بصفة غير قانونية غير موجودين في حوافظ الدوام الرسمي ، ولا يمارسون اية مهام او اعمال لدى وحدات الخدمة العامة لعدد (014, 41) موظف ويقدر اجمالي مرتباتهم الشهرية (496,751,000) ريال واجمالي سنوي (6) مليار ريال تقريبا.
2- اجمالي الموظفين الموجودين في حوافظ الدوام ولا يمارسون اي مهام عدد (620) موظف وتقدر مرتباتهم الشهرية بمبلغ (221,700,000) ريال .
ووفقاً للإحصائيات الرسمية فان الدولة تخر سنوياً نتيجة ظاهرة الازدواج الوظيفي اكثر من (170) مليار وهذه اقل تقديرات بحسب تصريحات وزير الخدمة المدنية والتأمينات في الحكومات السابقة .
وفي هذا السياق ايضاً كشف الرئيس الاسبق (صالح) في عام 2005م عن وجود (60) الف حالة ازدواج الوظيفي .
مما سبق يتضح إلى حجم الفساد والمستشري في الاجهزة والمصالح الحكومية من هذه الظاهرة وكم حجم الاخفاق لهذه الظاهرة من الموازنة العامة للدولة فهي ظاهرة مقلقة جداً ولا نظير لها في اي دوله من دول العالم فهي تلتهم مبالغ مالية ضخمه فهي الداء العظال وحجر عثرة امام الجهود الرامية الى الاصلاح الاداري والي والاقتصادي فهي في ازدياد وتنام مستمر في ظل حكومة الشرعية وفي اثناء الحرب وفي السلك العسكري بالذات فهذه الظاهرة من موروثات النظام السابق والتي الى اللحظة لم يتم معرفة الحجم الكلي للظاهرة نظراً لاستمراريتها والحكومات السابقة والحالية ظلت او اصبحت عاجزة عن الحد منها ومكافحتها والعمل على وقف العبث والهدر للأهوال العامة والعمل على تخصيص تلك المبالغ الناجمة عن ظاهرة الازدواج والتدقيق الوهمي لمعالجة الفقر والبطالة التي اصبحت ظاهرة مقلقة جداً خصوصاً في ظل الاوضاع التي تمر بها البلاد نظراً لارتفاع سعر صرف العملة والغلاء الذي ثقل كاحل الناس والعمل عكس تحسين معيشة افراد المجتمع .
لذا ينبغي تكثيف الجهود من قبل الحكومة الحالية والاجهزة الرقابية متمثلة بالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ووزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية العمل على محاربتها واجتثاثها من كافة الاجهزة والمصالح الحكومية خصوصاً في السلك العسكري والامني والتربية والتعليم ونرها من الاجهزة والمصالح الحكومية باعتبارها مرتع خصب للفاسدين ومن يعملون بالستر على تلك الظاهرة .
وللحديث بقية ان شاء الله مع ظاهرة اخرى.