آخر تحديث :الخميس-19 يونيو 2025-05:31م

نسيجُ خيـــال

الأحد - 04 أغسطس 2019 - الساعة 04:06 م
فاطمة الوليدي

بقلم: فاطمة الوليدي
- ارشيف الكاتب


من عالم الخيال، في زمنٍ كان ولايزال، من شخصٍ كان أشخاص، وبقعةٍ كانت عوالم، وورقةٍ بلوحاتٍ، ولونٍ بألوان، ببساطةِ الأشياءِ، وهيبةِ النسيجِ، لميدانِ ساحةِ المغامراتِ، كان للحي والمدرسة كل النصيبِ، من كوكبِ الطفولةِ، أرسلُ إليكم منها شهاب مغامرة طريفة. 

وتبدأ حين صعدنا درج المدرسة، وكأنها جبلٌ وعرٌ شاقٌ، نتنفس بعناء، ونشدُّ العضلَ، ونتحمل ثقلَ المؤنِ، ونروي جفاف الشفاه، برشفةِ ماءٍ، ونجففُ سيل التعرق بظاهرِ الكفِ.

والأمر المرعب، حين يفقدُ صديقي توازنهُ، وتنزلقُ قدمهُ، منحدرةً للأسفل، وأمسكُ يده بيميني، وأشده بكل قوة معصمي، واليدُ الأخرى تمسكُ بحبل النجاة، ولا أعلمُ كيف خُيَّل إلينا أنه مثبت! وتأتيه مني صرخات المناشدة بالتشبث، والتحلي بالشجاعة؛ كأنه يوشكُ أن يهوي، وينادي : " أتركني فأنا عبءٌ عليك".

أما الزملاء حولنا، فكانوا كالصخور تنهار علينا، من كلِ حدبٍ وصوبٍ، وقُبيل وصول القمةِ، وقد شارفت قوانا على الإنهيارِ، وكادت صرخةـ الوصول تنطلق، نَسمع صدى صوت يتردد بجبل الدرج، وكأنه صفارةُ إنذارٍ؛ تنذر بانحدارٍ صخريٍ مميت، ثم يعقبه صوتُ تنبيه، يَقتطعُ علينا لذةَ الوصولِ، أن أفيقوا : " هيا!...إلى الصفوف ".

وتخرج آهاتُ التسليم، ونجرُّ الخُطا، والدمع على مشارفِ الجفونِ، ومقلةُ العينين تودعُ، وتَعِدُ :"لنا عودة".