آخر تحديث :الإثنين-29 ديسمبر 2025-02:56م
اليمن في الصحافة

صحيفة العرب : السعودية وإيران تسعيان لإيجاد أرضية مشتركة لإدارة أزمات اليمن

الإثنين - 29 ديسمبر 2025 - 01:12 م بتوقيت عدن
صحيفة العرب : السعودية وإيران تسعيان لإيجاد أرضية مشتركة لإدارة أزمات اليمن

بحث وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مساء الأحد، في اتصال هاتفي مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان المستجدات الإقليمية، وفي مقدمتها الأوضاع في لبنان واليمن، وفق بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية.


وأوضح البيان أن الوزيرين ناقشا أيضاً العلاقات الثنائية والتطورات الدولية، مع تأكيد عراقجي على ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن وسلامته.


وجاء هذا الاتصال في وقت تتصاعد فيه التوترات في المنطقة، مع استمرار النزاعات المفتوحة وتحديات الاستقرار السياسي في عدد من الدول العربية.


ويكتسب الاتصال الإيراني–السعودي أهمية بالغة في ظل تحولات متسارعة على الأرض في اليمن.


وفي أوائل ديسمبر الجاري، سيطرت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظتي حضرموت والمهرة جنوب شرقي اليمن، وهو ما يمثل تصعيداً ملموساً في النزاع الداخلي، ويعكس حجم الانقسامات العميقة بين القوى المحلية والدولة المركزية.


ويقول المجلس الانتقالي إن الحكومات اليمنية السابقة همشت المناطق الجنوبية سياسياً واقتصادياً، مطالباً بالانفصال عن الدولة الموحدة، بينما تؤكد السلطات اليمنية تمسكها بوحدة البلاد.


وتأتي هذه التطورات في وقت يواصل فيه التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات جهود خفض التصعيد، وإعادة فرض استقرار جزئي على الأرض.


وفي هذا السياق، أصدر المتحدث باسم قوات “تحالف دعم الشرعية في اليمن”، تركي المالكي، بياناً السبت، أكد فيه أن أي تحركات عسكرية تخالف الجهود المشتركة للسعودية والإمارات لخفض التصعيد سيتم التعامل معها مباشرة لحماية المدنيين.


ويعكس هذا الموقف الحرص السعودي–الإماراتي على ضمان عدم تفاقم الصراع، وتحجيم أي تحرك من شأنه تقويض جهود الاستقرار في جنوب اليمن، خصوصاً في ظل تزايد نشاط المجلس الانتقالي وقدرته على فرض نفوذه العسكري والسياسي في مناطق استراتيجية.


وتأتي هذه التطورات ضمن سياق معقد يعكس بوضوح حجم التحديات التي تواجه اليمن كدولة موحدة. فالصراع في الجنوب لا يقتصر على الجانب العسكري، بل يمتد إلى الأبعاد السياسية والاقتصادية، حيث يواجه الجنوب تاريخاً من التهميش والإقصاء، في حين تحاول الحكومة المركزية الحفاظ على سلطة محدودة على الأرض.


ويضع هذا الانقسام القوى الإقليمية، وعلى رأسها السعودية وإيران، أمام معادلة صعبة؛ فالحفاظ على استقرار اليمن يتطلب تنسيقاً دقيقاً بين مختلف الفاعلين المحليين والإقليميين، وفي الوقت نفسه مواجهة تحركات قد تهدد مصالح كل طرف.


وأما في لبنان، فقد أدان عباس عراقجي العدوان الإسرائيلي، مطالباً المجتمع الدولي وخاصة ضامني اتفاق وقف إطلاق النار بالتدخل لوقف الجرائم الإسرائيلية.


ويأتي هذا التصريح في ظل سجل طويل من الانتهاكات، حيث تشير قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) إلى أن إسرائيل خرقت اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ تطبيقه في نوفمبر بعد عدوان أكتوبر 2023، أكثر من عشرة آلاف مرة.


وأسفر هذا الانتهاك المتكرر عن مئات القتلى والجرحى، فضلاً عن احتلال خمسة تلال لبنانية خلال الحرب الأخيرة، بالإضافة إلى مناطق أخرى تحتلها إسرائيل منذ عقود.


وفي هذا الصدد، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على أهمية استمرار التوافق والتعاون بين دول المنطقة للحفاظ على السلام والاستقرار، وضرورة محاسبة إسرائيل، وهو ما يعكس موقف الرياض من دعم الجهود الإقليمية والدولية لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وحماية المدنيين اللبنانيين.


ويشير هذا التبادل الدبلوماسي بين إيران والسعودية إلى رغبة متبادلة في إيجاد آليات للحوار والتنسيق بشأن ملفات حرجة، رغم الخلافات العميقة بينهما حول عدد من القضايا الإقليمية.


ويرى مراقبون أن الاتصال الإيراني–السعودي يظهر كخطوة دبلوماسية مهمة تهدف إلى إدارة الأزمات الإقليمية بطريقة تمنع الانزلاق إلى مواجهات أوسع.


وفي اليمن، يمثل الجنوب محور توتر مستمر، حيث تسعى السعودية إلى الحفاظ على الدولة اليمنية الموحدة، بينما تعكس سيطرة المجلس الانتقالي على حضرموت والمهرة تحدياً ملموساً قد يعيد رسم الخريطة السياسية للجنوب.


وفي لبنان، يبدو الدور الإيراني واضحاً في الدعوة للتدخل الدولي ووقف الانتهاكات الإسرائيلية، فيما تؤكد السعودية على ضرورة التعاون الإقليمي لمواجهة العدوان وحماية استقرار الدولة اللبنانية.


ويعكس الاتصال أيضاً إدراك كلا الطرفين أن الاستقرار الإقليمي يعتمد على إدارة الملفات الشائكة عبر الحوار والتنسيق، سواء على مستوى الملفات العسكرية أو السياسية أو الإنسانية. فالتحركات العسكرية في الجنوب


أي محاولة لإيجاد حلول مستدامة للنزاعات في صنعاء وبيروت تتطلب مزيجاً من الوسائل العسكرية والدبلوماسية والسياسية.


اليمني، بالإضافة إلى الانتهاكات الإسرائيلية في لبنان، تشكل تهديدات مباشرة للمدنيين وللجهود الدولية الرامية إلى تخفيف حدة النزاعات.


ومن هذا المنطلق، يبدو أن إيران والسعودية تدركان ضرورة إيجاد خطوط تواصل فاعلة لتقليل المخاطر وتعزيز فرص الحلول السلمية.


وفي السياق اليمني، يمثل جنوب البلاد أحد أهم مراكز التوتر، إذ يمتاز المجلس الانتقالي بقدرة كبيرة على التعبئة السياسية والعسكرية، مستفيداً من شعور السكان بالإهمال الاقتصادي والسياسي.


وتأتي سيطرة المجلس على محافظتي حضرموت والمهرة كجزء من خطة لتأكيد النفوذ، ما يفرض تحديات كبيرة على الحكومة المركزية.


وفي الوقت نفسه، تحرص السعودية على عدم السماح بانفصال كامل للجنوب، مع إبقاء الجهود منصبة على الحد من الانقسامات وتعزيز المؤسسات الحكومية، بما يحقق نوعاً من التوازن بين السلطات المحلية والمركزية.